تواجه عملية تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية عقبات ضخمة بسبب استمرار التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية، وسوريا، بالإضافة إلى المجازر التي تطال غزة. على الرغم من تصاعد التعاون الأمني، شهدت المبادرات المدنية مثل السياحة والتبادل الثقافي تباطؤًا ملحوظًا أو توقفًا كاملاً.
اتفاقيات إبراهام تواجه مفترق طرق حرج
بعد مرور 21 شهرًا على هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، يتضح أن اتفاقيات إبراهام أصبحت على مفترق طريق بين مستويين: التعاون الأمني المستقر نسبيًا، والتراجع الواضح في المبادرات المدنية والتبادل الشعبي، مما يعكس هشاشة عملية التطبيع في ظل الصراع الفلسطيني المستمر وتأثير الرأي العام العربي.
التعاون العسكري يتفوق على التعاون المدني
دفعت المخاطر المشتركة، خاصة تهديدات حماس ومحور المقاومة، دول الخليج إلى تعزيز تعاونها العسكري مع إسرائيل، حيث شهدت صادرات الأسلحة الإسرائيلية إلى الإمارات والبحرين والمغرب ارتفاعًا كبيرًا خلال عامي 2024 و2025.
التحديات الاقتصادية والدبلوماسية الراهنة
تجميد مشاريع كبرى مثل “بوابة الأردن” ومنتدى غاز شرق المتوسط يعكس تأثر العلاقات المدنية والاقتصادية سلبًا. ومع ذلك، تستمر التجارة بين إسرائيل والدول العربية في النمو، خصوصًا مع الإمارات العربية المتحدة.
مناعة اتفاقيات السلام أمام الضغوط السياسية
رغم الاحتجاجات الدبلوماسية الرمزية، لم تلغِ أي دولة عربية اتفاقياتها مع إسرائيل، مع استمرار دعم خيار السلام كاستراتيجية إقليمية.
التحولات المستقبلية المحتملة: دور السعودية والولايات المتحدة
تميل الرياض نحو تخفيف شروط التطبيع، مستندة إلى القوة العسكرية الإسرائيلية كحليف استراتيجي في مواجهة إيران، مع مؤشرات على استعداد نتنياهو لإنهاء الحرب في غزة. ومع ذلك، تبقى هناك تحديات كبيرة بشأن الطلبات النووية والأمنية السعودية مقابل تقدم ملف التطبيع.
الاستراتيجية البديلة: تطبيع متعدد الأبعاد مع دعم شعبي
تحتاج إسرائيل إلى استراتيجية شاملة تعزز البعد المدني والتعاون الشعبي مع الشركاء العرب، إلى جانب أفق سياسي واضح بشأن القضية الفلسطينية، وتنسيق استراتيجي مع الولايات المتحدة. هذا النهج سيُسهم في تعزيز ديمومة اتفاقيات السلام، تحسين صورة إسرائيل، وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
خلاصة
يبقى التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل هشًا ومقسّمًا بين تعاون أمني قوي ومبادرات مدنية متراجعة، في ظل استمرار التوسع الاستيطاني والصراع الفلسطيني. ومن الضروري اعتماد استراتيجية إسرائيلية جديدة تركز على العلاقات الشعبية والدبلوماسية المتوازنة لتجنب تحويل السلام إلى “سلام بارد” بين الحكومات فقط، بعيدًا عن شعوب المنطقة.
لندن – اليوم ميديا