
القمر الذي نراه نحن البشر، وهو في كامل نوره، بدراً يُشعُّ بين ستائر الليل الوديع، ليس إلا وجهاً واحداً للقمر. نحن لا نرى الوجه الآخر للقمر؛ لأسبابٍ تتصل بنمط دوران القمر ودوران الأرض.
هذا القمر الذي تغزّل به الشعراء منذ الأزل، بل وعبدته بعض النِّحل «الرومانسية»، ليس الصورة الكاملة، لكن جهود علماء الفلك ومراصد السماء والمركبات المرسلة للسبر والفحص، كشفت لنا الصورة الأخرى، وصوّرت كامل محيط القمر، وكل جِلده، الظاهر لنا منه والمخفي… فالمجد للعلم والعلماء.
اليوم، ومع فرح كل إنسان يملك ضميراً حيّاً بزوال نظام حكمٍ من أسوأ الأنظمة التي مرّت علينا في ديارنا العربية؛ نظام بشار الأسد الذي كان بلا عقلٍ سياسي ولا قلبٍ أخلاقي… مع هذا الفرح الصادق، يجب ألّا يجعلنا هذا لا نرى من سوريا إلا صفحة واحدة من مشهدها.
الأخطار التي تُهدّد سوريا الجديدة اليوم، متنوّعة، بعضها داخلي وبعضها خارجي. نبدأ بالخارجي، وهو الطمع التركي، وعقلية الغنيمة «الإخوانية» الدولية، والانتقام الإيراني المنتظر… وقد سألتُ هنا سابقاً: هل سترضى إيران بالهزيمة، ومن الغنيمة السورية بالإياب، فقط؟!
لدينا إشارات إيرانية مقلقة، خلال الأيام الماضية، من مرشد النظام، لوزير خارجيته، وأخيراً لدينا هذا التعليق من أحد سدنة النظام القدامى، وهو محسن رضائي عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام والقائد السابق لـ«الحرس الثوري»، الذي نقلته عنه وكالة أنباء «إيسنا» الإيرانية، وهو قوله: «الشباب والشعب السوري المقاوم لن يصمتوا أمام الاحتلال. خلال أقل من عام، سيبعثون المقاومة في سوريا بشكل جديد».
أمّا الخطر الداخلي، وبعضه له علائق خارجية، مثل تنظيم «داعش»، فهو خطرٌ متربصٌ، مهما وعدت أميركا وتركيا والجولاني بمواجهته؛ لأن «داعش»، للأسف، يملك بعض أسباب الانبعاث العقائدية، واللوجستية، والبشرية، يكفي أن نتخيّل آلاف العناصر المحشورين في معسكرات كبرى في شرق سوريا تحت سلطة «قسد»، فضلاً عن الوجود العملي في البادية السورية والحدود العراقية، وخطوط الإمداد الداعشية بشرياً وإعلامياً وفكرياً، من خارج سوريا والعراق.
لدينا داخلياً أيضاً، الجماعات المنضوية، مؤقتاً، تحت سلطة «هتش»، وبعضها له تاريخٌ قريب من الصراع الدموي… حروبٌ قريبة العهد تخلّلتها إعدامات متبادلة، وعمليات انتحارية، مع سلطات إدلب، مثل: «الأحرار»، و«حرّاس الدين»، و«لواء الأقصى»، و«جند التوحيد»، وطبعاً حزب «التحرير» الذي يعلن صراحة تكفيره لقائد الهيئة الجديدة.
من الأخطار الداخلية أيضاً، دور ومصير الفصائل الأجنبية، أو «المهاجرين» كما في قاموس الإسلاميين، مثل: الحزب الإسلامي التركستاني، وجماعة التوحيد والجهاد الأوزبكية، وجيش المهاجرين والأنصار القوقازيين، وحركة شام الإسلام (المغاربة)، وجماعة الألبان والمالديف، وغيرها.
نعم، لم نتحدّث عن تحديات بناء الوطنية الجامعة، وهوية الدولة، والعلمانية والإسلامية والعروبة، وغير ذلك.
نحن نرى الوجه الجميل من القمر السوري – وهو في بعض ملامحه جميل المحيّا حقّاً – لكنه ليس الوجه الوحيد. ثمّة وجهٌ آخر، وليس من سبيلٍ إلى اكتشافه والتعامل معه إلّا بمسبار العلم، ومرصد التفكير الموضوعي البحت.

سمير عطا الله يقول الكاتب الكويتي سعد بن طفلة العجمي إن الكتّاب العرب امتهنوا انتقاد الخليج والخليجيين، بمناسبة أو من دونها، وبسبب أو من دونه. واستمرت الظاهرة فترة طويلة. وانقسم المنخرطون فيها إلى فئات: الاستعلائيون الذين رأوا في الخليجيين «حديثي نعمة» وأثرياء النفط. واليسار القومي الذي رأى في البحبوحة عقبة كبرى في وجه تحرير فلسطين [...]

مارك ماكغيروفسكي تصوّر إدارة ترامب أوروبا على أنها ضعيفة ومشلولة وتواجه محواً حضارياً، ويبدو أنه يمكن الاستغناء عنها من منظور استراتيجية الأمن القومي الأمريكي؟ لا شك أن الرئيس ترامب يحب القادة الأقوياء. وكثيرًا ما يُخيّل إليه أن هذا هو المعيار الوحيد الذي يطبقه على رؤساء الدول الأجنبية عند تقييم مكانتهم السياسية وفائدتهم في تحقيق الأهداف [...]

غسان شربل ليس صحيحاً أن الغياب يعفي من العذاب. القبر لا يحصن الحاكم من أعاصير بلاده. يمكن لجثته أن تتعرض لطعنات كثيرة؛ للشماتة، والسخرية، والإذلال، وفيض الكراهيات. ويمكن أن يصاب القبر بالذعر، وبالإحراج، وبالخوف، وأن يحاول الهرب كمرتكب يبحث عن مخبأ للنجاة من غضب الناس ومحكمة التاريخ. هذا حدث قبل عام. تردد مدير مكتبه «أبو [...]

عبد الرحمن الراشد تمر سنة على نهاية نظام الأسد. التغيير هائل وتداعياته لم تنته بعد. وبمرور الذكرى الأولى، لا تزال هناك أسئلة حائرة، أبرزها: لماذا تحوّل بشار الأسد ونظامه إلى تابع لإيران منذ السنوات الأولى لحكمه؟ في تصوري، لو لم يرتكب تلك السياسة الخطرة، ربما لما آلت نهايته منفياً في موسكو. قناعتي تزداد عند مراجعة [...]

موسى مهدي لم يعد هناك شك في أن السودان يتعرض لغزو خارجي كبير، وسط ارتال الأفواج القادمة من إفريقيا الوسطى على الحدود السودانية، والتي تم توثيقها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وشاهدها العالم بأسره. وبالتالي، فإن المعركة التي يخوضها الجيش السوداني ضد الجنجويد وداعميهم من الخارج، هي معركة الكرامة ووجود الأمة السودانية، ولا تقبل المساومة أو [...]

أماني الطويل إن ما نشهده اليوم في السياسة الأميركية تجاه السودان ليس مجرد تناقضات عابرة، بل أزمة في صنع القرار والتنسيق داخل الإدارة، والتباين الصارخ بين مسار بولس ومسار روبيو يعكس غياب رؤية استراتيجية واضحة، أو على الأقل غياب القدرة على تنفيذ هذه الرؤية بصورة متسقة. تكشف الأزمة السودانية عن واحدة من أكثر حالات التناقض [...]