image

دونالد ترامب يتحدث للصحفيين قبل صعوده إلى طائرة الرئاسة في موريس تاون، نيوجيرسي

عبد اللطيف المناوي

يبدو أن اتفاقًا إسرائيليًا – حمساويًا قد اقترب من التحقق بعد أشهر من الجمود. نعم هناك مؤشرات إيجابية جدًا تمثلت فى إعلان الطرفين قبولهما بالمقترح المعدل لوقف إطلاق النار، ولكن مع تحفظات فى كل جانب. الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ورغم كل التحفظات المستمرة على سلوكه وتصرفاته، إلا أن له اليد الطولى فى الاقتراب من التوصل إلى هذا الاتفاق. ترامب أبدى تفاؤله بهذا الأمر، لكن خلف هذا التفاؤل تبقى تساؤلات حاسمة حول قدرة هذا الاتفاق على الصمود أو فرص نجاحه، وحجم التنازلات من الجانبين، ومدى واقعية بعض الشروط.

أولى نقاط القوة تكمن فى السياق الإقليمى المواتى، فمنذ أن توقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل فى ٢٤ يونيو الماضى، نشطت الوساطات بشكل لافت، مصر كان لها دور وقطر والسعودية، وبالتأكيد أمريكا، وهذا ما منح المفاوضات زخمًا غير مسبوق. وما أضاف للمفاوضات بُعدًا إيجابيًا آخر ما أعلنه بنيامين نتنياهو عن أن إنقاذ الرهائن بات الهدف الأول له، وليس تدمير حماس أو إعادة الانتشار فى قطاع غزة، رغم فداحة خسائر القطاع التى تسبب فيها.

أعتقد أيضًا أن هناك ترحيبا ضمنيا من حماس، وردًا إيجابيًا صرحت به الحركة، إلى جانب استعدادها للمشاركة الفورية فى مفاوضات بشأن التنفيذ، إضافة إلى ذلك فإن الاتفاق يتضمن آلية واضحة نسبيًا لإطلاق سراح الرهائن وتقديم المساعدات، وهو ما يحاكى نماذج سابقة أثبتت فعاليتها مؤقتًا، ويقلل من احتمالات الفشل.


لكن فى المقابل، هناك عوامل ضعف جوهرية تهدد هذا المسار، أولها هشاشة الثقة بين الطرفين، وسجل اتفاقات الهدنة السابقة التى تم انتهاكها سريعًا، كما أن الفجوة بين أهداف الطرفين لا تزال قائمة، فإسرائيل تريد القضاء على أى خطورة لحماس مستقبلية، كما تريد تفكيك قدراتها تمامًا، بينما ترفض الحركة تقديم أى ضمانات بذلك، كما ترفض تمامًا خيار الخضوع بدون مقاومة، حتى لو اختلفنا حول شكلها وما تحققه من نتائج.

أيضاً هناك أزمة إسرائيلية فى الداخل، خاصة بسيطرة تيار يمينى متطرف على الحكومة، هذا التيار يرفض أى تسويات مع حماس، بينما تضغط قوى معارضة فى الشارع الإسرائيلى يتزايد حجمها ويقل حسب الأحداث، من أجل إتمام صفقة الرهائن. وهذا ما يصعب أيضًا الوصول إلى اتفاق نهائى، أو اتفاق فى هذه الظروف.

هناك أيضا نقطة خلاف أو صعوبة لإتمام الاتفاق، تتعلق بموعد انسحاب القوات الإسرائيلية ومصير إدارة القطاع بعد الحرب، وطبيعة الضمانات لهذا أو ذاك.

أظن أن فرص نجاح هذه المبادرة متوسطة، فوجود دعم دولى قوى ومرونة من الطرفين يزيد من احتمال نجاحها، لكن هشاشة جدار الثقة وبعض النقاط الخلافية لدى القوتين، ربما تحول دون ذلك. وبين هذا وذاك تبقى أمنية أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق نهائى ينهى شهورًا من دماء أشقائنا فى غزة التى أريقت دون ذنب.