
سمير عطا الله
يبدو الرئيس الأميركي دونالد ترمب وكأنه منهمكٌ في تنفيذ مراحل «الكوميديا المقدّسة» التي وضعها دانتي أليغييري في القرن الرابع عشر. فمن أجل فرض السلام على هذا العالم المتقاتل، لا بدّ من إقامة حكومةٍ واحدة وحاكمٍ أعلى واحد، وعندها تتشابك المصالح ويصبح السلام هدف الجميع.
عندما بدأ ترمب الحديث عن بؤر السلام حول الكوكب، تباهى سياسيّو العالم في ما بينهم عبر القارات: هل هذا الرجل جدّي فعلاً في ظلِّ آتون غزة، وحريق أوكرانيا، والنووية الإيرانية، وكوارث أفريقيا؟ نعم، هو جدّي. وبأسلوبه الخاص. يكبو وينهض، يخفق ويبدع، يحمل جعبة السهام ويهدّد كلّ من يهدّد العالم الهادئ الذي يَعِدُ به… بل الذي يأمر به.
في بداياته، أقلق أسلوبُ ترمب العالمَ التقليدي. لا قواعد ولا أصول ولا ضوابط. ورئيس الولايات المتحدة مطاردٌ في المحاكم، لكنه يواجه المدّعين، ويستنهض الأميركيين في المهرجانات، ويسخر بصوتٍ عالٍ من الذين مرّوا قبله في البيت الأبيض، أو الذين (واللواتي) يحاولون منافسته عليه. وسجّلوا هذه الأسماء:
هيلاري كلينتون، كمالا هاريس، باراك أوباما، جوزيف بايدن. ثم زيلينسكي. ثم رئيس فنزويلا. ثم كلّ من يجرؤ على رفع إصبعه أو يده طالباً السماح بالاعتراض.
أميركا ما قبل ترمب، وأميركا ما بعده. رجلٌ تُصيب رصاصةٌ شبه قاتلةٍ أذنه، فيكمل المهرجان. تقاضيه ممثّلةٌ إباحية، فيحوّل المسألة إلى فريق المحامين. ولا يعرف أحدٌ من خصومه أو مناصريه من أين لرجلٍ في التاسعة والسبعين كلّ هذه الحيوية، حيويةُ رجلٍ في التاسعة والعشرين. لقد رفع الشعار الذي لا يُجادَل: «أميركا أولاً». خاطب زهران ممداني مرشّحاً كعدو، ثم استقبله في البيت الأبيض كفردٍ من العائلة.
قد يُقال هذه أميركا. نعم… إلى حدٍّ ما. لكنّ هذه الآن هي أميركا دونالد ترمب؛ الرجل الواقف عند باب طائرته يشرح للصحافيين كيف يحاول إحلال «السلام الكبير»، بينما يرتعد العالم خوفاً من «الحرب الكبرى».
ولماذا عند باب الطائرة، وفي ضجيج المحرّكات؟ لأن الأسلوب هو الرجل. ولأن هذا الرئيس ليس بايدن المتعثّر على سلّم أهمّ وأغلى طائرة في العالم. إنها طائرته الآن. الرجل الطائر من نجاح إلى نجاح، من برجٍ إلى مجرّة من الأبراج. ويقول المنجّمون والمنجّمات إن من عناصر نجاحه كونه مولوداً في برج الجوزاء.
هل من اعتراض؟

جمعة بوكليب بمرور الوقت، تعوّدنا نحن البشر لدى نهاية عام وبدء آخر، على ألا تأتي الرياح بما تشتهي قلوبنا من أمنيات. لا أحد يلوم الرياح على خذلانها لنا، أو يجبرها قسراً على تغيير اتجاهها بما يتفق واتجاه مراكب أمانينا. وإذا صدّقنا المؤرخ اليوناني هيرودوتوس، فإنَّ الليبيين من دون شعوب الأرض قاطبة، هم من تجرأ على [...]

مشاري الذايدي نحن على مقربة من توديع العام الحالي 2025 واستقبال لاحقه 2026، وما زال رهان بعض الناس والجهات على اضمحلال خطر الإرهاب الأصولي، ومن – وما – يرفد هذا العقل الإرهابي، من فكرٍ ومُقدّمات سابقة… ما زال رهان البعض على اضمحلال كل ذلك من قَبيل التفكير الرغبوي، أو الكسل البحثي، أو البلادة الرقابية، أو [...]

غسان شربل لم تعدِ الحروب تدور على مسارحها المباشرة فقط. منحتها وسائل التواصل فرصة التسلل إلى أماكن بعيدة. يكفي أن يلتفت شخص إلى هاتفه في قارة بعيدة ليتابع مجريات مجزرة تدور على بعد آلاف الكيلومترات. ولم تعد الكراهيات أسيرة منابع تفجرها الأصلية. يمكنها الانتقال سريعًا إلى من هو مستعد لتلقيها في أماكن قصية. وهكذا بات [...]

سمير عطا الله يقول الكاتب الكويتي سعد بن طفلة العجمي إن الكتّاب العرب امتهنوا انتقاد الخليج والخليجيين، بمناسبة أو من دونها، وبسبب أو من دونه. واستمرت الظاهرة فترة طويلة. وانقسم المنخرطون فيها إلى فئات: الاستعلائيون الذين رأوا في الخليجيين «حديثي نعمة» وأثرياء النفط. واليسار القومي الذي رأى في البحبوحة عقبة كبرى في وجه تحرير فلسطين [...]

مارك ماكغيروفسكي تصوّر إدارة ترامب أوروبا على أنها ضعيفة ومشلولة وتواجه محواً حضارياً، ويبدو أنه يمكن الاستغناء عنها من منظور استراتيجية الأمن القومي الأمريكي؟ لا شك أن الرئيس ترامب يحب القادة الأقوياء. وكثيرًا ما يُخيّل إليه أن هذا هو المعيار الوحيد الذي يطبقه على رؤساء الدول الأجنبية عند تقييم مكانتهم السياسية وفائدتهم في تحقيق الأهداف [...]

غسان شربل ليس صحيحاً أن الغياب يعفي من العذاب. القبر لا يحصن الحاكم من أعاصير بلاده. يمكن لجثته أن تتعرض لطعنات كثيرة؛ للشماتة، والسخرية، والإذلال، وفيض الكراهيات. ويمكن أن يصاب القبر بالذعر، وبالإحراج، وبالخوف، وأن يحاول الهرب كمرتكب يبحث عن مخبأ للنجاة من غضب الناس ومحكمة التاريخ. هذا حدث قبل عام. تردد مدير مكتبه «أبو [...]