
✍️ محمد فال معاوية
في قلب الصحراء العربية، حيث كان النفط هو الثروة الوحيدة التي تحدد ملامح المستقبل، تشرق اليوم أبوظبي بثورة اقتصادية وصناعية غير مسبوقة. هذه الثورة ليست فقط في بناء المصانع أو إطلاق المبادرات، بل في إعادة تعريف مفهوم التنمية الاقتصادية والاعتماد على الذات.
مبادرة “اصنع في الإمارات“ التي تتصدرها أبوظبي، تمثل تحولًا جذريًا في رؤية الدولة تجاه الاقتصاد الوطني، من اقتصاد استهلاكي إلى اقتصاد منتج يركز على الابتكار، والتقنية، والكفاءات البشرية.
أبوظبي اليوم تصنع لا فقط المنتجات، بل تصنع فرص العمل، تصنع المعرفة، تصنع المستقبل. هذه الثورة في الصحراء ليست فقط عن الصناعة، بل عن قوة الإرادة الوطنية، وعن رؤية واضحة لمستقبل مزدهر ومستقل.
لماذا أبوظبي تحديداً؟.. لأنها تملك الرؤية، والإرادة السياسية، والبنية التحتية، والأهم: فهم عميق بأن المستقبل لا يُستورد، بل يُصنع. أبوظبي تستثمر الآن في الصناعات الدوائية، والتكنولوجيا، والطاقة النظيفة، والدفاع، وقطاعات أخرى تُعد محرّكات حقيقية لاقتصاد الغد. وليست الاستثمارات وحدها ما يميز هذا التوجه، بل منظومة الحوافز والتشريعات التي تعيد تعريف العلاقة بين الدولة والمستثمر.
التحول الصناعي الذي تقوده أبوظبي لا يسعى فقط إلى إنتاج السلع محلياً، بل إلى تحقيق الاكتفاء الاستراتيجي، وكسر الاعتماد المفرط على سلاسل الإمداد الخارجية، وخلق فرص عمل حقيقية، واستقطاب العقول، وتصدير التكنولوجيا بدلاً من استيرادها.
وهنا تكمن الجرأة: في تحدي النماذج الاقتصادية القديمة، وطرح بديل وطني عصري، ينطلق من الداخل إلى الخارج، لا العكس.
هل الطريق مفروش بالنجاح؟.. بالطبع لا. التحديات كثيرة، من منافسة الأسواق العالمية إلى الحاجة الماسّة لتأهيل الكفاءات البشرية، وتوطين التكنولوجيا، وتطوير البحث العلمي الصناعي.
لكن الفارق أن أبوظبي لا تتحرك برد فعل، بل بخطة استراتيجية معلنة، مدعومة بإرادة سياسية ومؤسسية نادراً ما تتوفر بهذا الوضوح والاتساق في المنطقة.
في النهاية، “اصنع في الإمارات” ليست فقط شعاراً، بل هي مهمة وطنية تتطلب تعاون الجميع: الحكومة، والقطاع الخاص، والمؤسسات التعليمية، والمجتمع المدني.
إذا نجح الجميع في هذا المسعى، ستتمكن الإمارات من بناء اقتصاد لا يهتز، قادر على مواجهة الأزمات والتقلبات، ومنافسة عمالقة الصناعة في العالم.

سمير عطا الله يقول الكاتب الكويتي سعد بن طفلة العجمي إن الكتّاب العرب امتهنوا انتقاد الخليج والخليجيين، بمناسبة أو من دونها، وبسبب أو من دونه. واستمرت الظاهرة فترة طويلة. وانقسم المنخرطون فيها إلى فئات: الاستعلائيون الذين رأوا في الخليجيين «حديثي نعمة» وأثرياء النفط. واليسار القومي الذي رأى في البحبوحة عقبة كبرى في وجه تحرير فلسطين [...]

مارك ماكغيروفسكي تصوّر إدارة ترامب أوروبا على أنها ضعيفة ومشلولة وتواجه محواً حضارياً، ويبدو أنه يمكن الاستغناء عنها من منظور استراتيجية الأمن القومي الأمريكي؟ لا شك أن الرئيس ترامب يحب القادة الأقوياء. وكثيرًا ما يُخيّل إليه أن هذا هو المعيار الوحيد الذي يطبقه على رؤساء الدول الأجنبية عند تقييم مكانتهم السياسية وفائدتهم في تحقيق الأهداف [...]

غسان شربل ليس صحيحاً أن الغياب يعفي من العذاب. القبر لا يحصن الحاكم من أعاصير بلاده. يمكن لجثته أن تتعرض لطعنات كثيرة؛ للشماتة، والسخرية، والإذلال، وفيض الكراهيات. ويمكن أن يصاب القبر بالذعر، وبالإحراج، وبالخوف، وأن يحاول الهرب كمرتكب يبحث عن مخبأ للنجاة من غضب الناس ومحكمة التاريخ. هذا حدث قبل عام. تردد مدير مكتبه «أبو [...]

عبد الرحمن الراشد تمر سنة على نهاية نظام الأسد. التغيير هائل وتداعياته لم تنته بعد. وبمرور الذكرى الأولى، لا تزال هناك أسئلة حائرة، أبرزها: لماذا تحوّل بشار الأسد ونظامه إلى تابع لإيران منذ السنوات الأولى لحكمه؟ في تصوري، لو لم يرتكب تلك السياسة الخطرة، ربما لما آلت نهايته منفياً في موسكو. قناعتي تزداد عند مراجعة [...]

موسى مهدي لم يعد هناك شك في أن السودان يتعرض لغزو خارجي كبير، وسط ارتال الأفواج القادمة من إفريقيا الوسطى على الحدود السودانية، والتي تم توثيقها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وشاهدها العالم بأسره. وبالتالي، فإن المعركة التي يخوضها الجيش السوداني ضد الجنجويد وداعميهم من الخارج، هي معركة الكرامة ووجود الأمة السودانية، ولا تقبل المساومة أو [...]

أماني الطويل إن ما نشهده اليوم في السياسة الأميركية تجاه السودان ليس مجرد تناقضات عابرة، بل أزمة في صنع القرار والتنسيق داخل الإدارة، والتباين الصارخ بين مسار بولس ومسار روبيو يعكس غياب رؤية استراتيجية واضحة، أو على الأقل غياب القدرة على تنفيذ هذه الرؤية بصورة متسقة. تكشف الأزمة السودانية عن واحدة من أكثر حالات التناقض [...]