
في مشهد يعكس أبهى تجليات الرقي الإنساني والنهج الثقافي الرشيد، حلّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، ضيفًا كريمًا على العلامة عبدالله بن بيه، في بيته العامر بالمعرفة والوقار في العاصمة أبوظبي.
إنها ليست زيارة عابرة في أجندة مزدحمة، بل لفتة تحمل من الدلالة ما يفوق الكلمات، ومن المعنى ما يعبر عن روح قيادة تعي أن الفكر ليس هامشًا، وأن العلماء ليسوا مجرد أسماء في المراجع، بل قناديل تمضي بالأمم نحو النور.
لم تكن المجالس العلمية يومًا بعيدة عن صُنّاع القرار في دولة الإمارات، فمنذ البدايات، كان هناك وعي متجذر بأن بناء الإنسان لا يكتمل دون بناء الجسور مع أصحاب الحكمة والرسالة.
ولعل هذه الزيارة الكريمة تجسد تلك الرؤية، حيث يأتي ولي العهد بنفسه، متجاوزًا الحواجز البروتوكولية، ليجلس إلى العالم المفكر، يُحييه ويُطمئن عليه، ويعكس صورة إمارات تتنفس احترام الإنسان، وتُكبر العطاء الفكري والديني.
رحّب العلامة عبدالله بن بيه بالشيخ خالد بن محمد بترحاب العارف بالمقامات، مؤكدًا أن في مثل هذه اللفتات تتجلى القيم التي تقوم عليها دولة الإمارات العربية المتحدة؛ قيم الحوار والتقدير والإنصات.
ولم يكن عبدالله بن بيه إلا رمزًا من رموز الحكمة والتوازن، ذاع صيته في آفاق العالم باعتداله، وسِعة علمه، وحضوره المؤثر في قضايا الفكر والدين والسلام.
إن ما تفعله القيادة الإماراتية ليس عملاً شكليًا، بل ممارسة أصيلة تعيد صياغة مفهوم السلطة، من برج عاجٍ بعيد إلى مجلسٍ رحب يسمع ويُصغي، يبادر ويتواضع، يكرّم ويقدّر. وها هو خالد بن محمد بن زايد، يحمل هذا الإرث، ويمضي به واثقًا، ليؤكد أننا أمام جيلٍ من القادة لا يحكم فقط، بل يتفاعل، يتعلم، ويحترم العلماء ويقترب من أهل الفكر بإيمان بأن نهضة الشعوب لا تكتمل إلا بهم.
في عالم تزداد فيه الفجوة بين السياسة والقيم، بين الحكم والمعرفة، تأتي الإمارات لتقدّم درسًا من نوع آخر؛ درس في كيف تصنع المجتمعات الحية من خلال تقدير أصحاب الحكمة، ومساندة قامات الفكر، والاعتراف بدورهم في ترسيخ السلم والوعي.
هي زيارة، لكنها في الحقيقة رسالة: أن دولة الإمارات، بقيادتها الواعية، تكتب فصول المستقبل بالتقدير لا بالتجاهل، وبالإنصات لا بالإقصاء، وبالمعرفة لا بالضجيج.
هكذا تمضي الإمارات في خطى واثقة، تقرأ المستقبل بعين الحاضر، وتكتبه بقلم العلماء.

جمعة بوكليب بمرور الوقت، تعوّدنا نحن البشر لدى نهاية عام وبدء آخر، على ألا تأتي الرياح بما تشتهي قلوبنا من أمنيات. لا أحد يلوم الرياح على خذلانها لنا، أو يجبرها قسراً على تغيير اتجاهها بما يتفق واتجاه مراكب أمانينا. وإذا صدّقنا المؤرخ اليوناني هيرودوتوس، فإنَّ الليبيين من دون شعوب الأرض قاطبة، هم من تجرأ على [...]

مشاري الذايدي نحن على مقربة من توديع العام الحالي 2025 واستقبال لاحقه 2026، وما زال رهان بعض الناس والجهات على اضمحلال خطر الإرهاب الأصولي، ومن – وما – يرفد هذا العقل الإرهابي، من فكرٍ ومُقدّمات سابقة… ما زال رهان البعض على اضمحلال كل ذلك من قَبيل التفكير الرغبوي، أو الكسل البحثي، أو البلادة الرقابية، أو [...]

غسان شربل لم تعدِ الحروب تدور على مسارحها المباشرة فقط. منحتها وسائل التواصل فرصة التسلل إلى أماكن بعيدة. يكفي أن يلتفت شخص إلى هاتفه في قارة بعيدة ليتابع مجريات مجزرة تدور على بعد آلاف الكيلومترات. ولم تعد الكراهيات أسيرة منابع تفجرها الأصلية. يمكنها الانتقال سريعًا إلى من هو مستعد لتلقيها في أماكن قصية. وهكذا بات [...]

سمير عطا الله يقول الكاتب الكويتي سعد بن طفلة العجمي إن الكتّاب العرب امتهنوا انتقاد الخليج والخليجيين، بمناسبة أو من دونها، وبسبب أو من دونه. واستمرت الظاهرة فترة طويلة. وانقسم المنخرطون فيها إلى فئات: الاستعلائيون الذين رأوا في الخليجيين «حديثي نعمة» وأثرياء النفط. واليسار القومي الذي رأى في البحبوحة عقبة كبرى في وجه تحرير فلسطين [...]

مارك ماكغيروفسكي تصوّر إدارة ترامب أوروبا على أنها ضعيفة ومشلولة وتواجه محواً حضارياً، ويبدو أنه يمكن الاستغناء عنها من منظور استراتيجية الأمن القومي الأمريكي؟ لا شك أن الرئيس ترامب يحب القادة الأقوياء. وكثيرًا ما يُخيّل إليه أن هذا هو المعيار الوحيد الذي يطبقه على رؤساء الدول الأجنبية عند تقييم مكانتهم السياسية وفائدتهم في تحقيق الأهداف [...]

غسان شربل ليس صحيحاً أن الغياب يعفي من العذاب. القبر لا يحصن الحاكم من أعاصير بلاده. يمكن لجثته أن تتعرض لطعنات كثيرة؛ للشماتة، والسخرية، والإذلال، وفيض الكراهيات. ويمكن أن يصاب القبر بالذعر، وبالإحراج، وبالخوف، وأن يحاول الهرب كمرتكب يبحث عن مخبأ للنجاة من غضب الناس ومحكمة التاريخ. هذا حدث قبل عام. تردد مدير مكتبه «أبو [...]