
بقلم: محمد فال معاوية
في قلب مأساة غزة التي لا تنتهي، ينبثق فصل مظلم جديد في قصة التشريد الفلسطيني، يتلخص في مشروع خطير يهدد بنقل الفلسطينيين قسرًا إلى أرض الصومال، الإقليم الانفصالي المعزول الذي يعاني أزمات لا تقل قسوة عن معاناة الفلسطينيين أنفسهم. هنا، في هذه الأرض التي لم تزل تعاني ويلاتها، يُرسم مصير اللاجئين الفلسطينيين الجدد، لتتحول أرض الصومال إلى “مقبرة الأمل” حيث تُدفن أحلام الحرية والعودة.
التهجير القسري ليس مجرد تغيير مكان، بل هو طعن في جوهر الإنسان وهويته. الفلسطيني الذي عاش نكبة عام 1948 وتجددت معاناته مع الاحتلال والحروب المتكررة، يجد نفسه اليوم مدفوعًا نحو منفى أبعد وأشد قسوة، حيث لا بوصلة للعودة ولا ضمان للكرامة.
الصومال، التي تكاد تنزلق في هاوية الفوضى السياسية والاقتصادية، لن تكون ملاذًا بل محطّة جديدة في رحلة الشتات التي لا تنتهي. وفي لعبة المصالح الكبرى، يتحول الفلسطيني إلى مجرد ورقة في صفقة عسكرية وجيوسياسية باردة، تُغفل البعد الإنساني وتتناسى التاريخ.
أن تُسجن الآمال في أرض بعيدة، بلا سيادة أو استقرار، هو انتهاك مزدوج. فكيف لمن فقد وطنه أن يُحرم حتى من أفق الأمل؟ الفلسطيني في الصومال ليس فقط لاجئًا، بل هو ضحية لتاريخ يعيد نفسه، حيث تُكرر النكبات وتُعمّق الجراح.
هنا، تطرح أسئلة وجودية مؤلمة: هل سيبقى الفلسطينيون هناك أسرى واقع مرير، يُفرض عليهم خارج رغبتهم، في مكان لا يُعبّر عن حقهم في الحياة والكرامة؟ وهل سيبقى العالم يراقب دون أن يتحرك؟
خلف هذا التهجير القسري تخبو الأصوات الإنسانية، وتشتعل صراعات المصالح التي تهيمن عليها الحسابات الأمنية والسياسية. التنازل عن الفلسطينيين في هذا الموقع الجديد هو تفريط خطير في واجب الإنسانية، وعجز ذريع عن حماية حقوق شعب يعاني منذ عقود.
إن استغلال معاناة الفلسطينيين لتحقيق مكاسب عسكرية وجيوسياسية هو وصمة على جبين المجتمع الدولي، الذي يفترض به أن يكون صوت الحق والدعم، لا صانع الخراب والتشريد.
الأمل، رغم كل المآسي، هو القوة التي ما زالت تحرك الفلسطينيين في مواجهتهم المستمرة للاحتلال والتهجير. ولكن تهجيرهم إلى أرض الصومال، “مقبرة الأمل”، هو محاولة لإخماد هذه النار، وفصلهم عن جذورهم وأحلامهم.
إن استعادة الأمل لا تأتي إلا بالاعتراف بالحقوق، وبوقف سياسات التهجير القسري، وبالعمل الجاد لإنهاء الاحتلال، لتبقى فلسطين حاضنة أحلام شعبها، لا مأواه في الغربة والتشريد.

مشاري الذايدي نحن على مقربة من توديع العام الحالي 2025 واستقبال لاحقه 2026، وما زال رهان بعض الناس والجهات على اضمحلال خطر الإرهاب الأصولي، ومن – وما – يرفد هذا العقل الإرهابي، من فكرٍ ومُقدّمات سابقة… ما زال رهان البعض على اضمحلال كل ذلك من قَبيل التفكير الرغبوي، أو الكسل البحثي، أو البلادة الرقابية، أو [...]

غسان شربل لم تعدِ الحروب تدور على مسارحها المباشرة فقط. منحتها وسائل التواصل فرصة التسلل إلى أماكن بعيدة. يكفي أن يلتفت شخص إلى هاتفه في قارة بعيدة ليتابع مجريات مجزرة تدور على بعد آلاف الكيلومترات. ولم تعد الكراهيات أسيرة منابع تفجرها الأصلية. يمكنها الانتقال سريعًا إلى من هو مستعد لتلقيها في أماكن قصية. وهكذا بات [...]

سمير عطا الله يقول الكاتب الكويتي سعد بن طفلة العجمي إن الكتّاب العرب امتهنوا انتقاد الخليج والخليجيين، بمناسبة أو من دونها، وبسبب أو من دونه. واستمرت الظاهرة فترة طويلة. وانقسم المنخرطون فيها إلى فئات: الاستعلائيون الذين رأوا في الخليجيين «حديثي نعمة» وأثرياء النفط. واليسار القومي الذي رأى في البحبوحة عقبة كبرى في وجه تحرير فلسطين [...]

مارك ماكغيروفسكي تصوّر إدارة ترامب أوروبا على أنها ضعيفة ومشلولة وتواجه محواً حضارياً، ويبدو أنه يمكن الاستغناء عنها من منظور استراتيجية الأمن القومي الأمريكي؟ لا شك أن الرئيس ترامب يحب القادة الأقوياء. وكثيرًا ما يُخيّل إليه أن هذا هو المعيار الوحيد الذي يطبقه على رؤساء الدول الأجنبية عند تقييم مكانتهم السياسية وفائدتهم في تحقيق الأهداف [...]

غسان شربل ليس صحيحاً أن الغياب يعفي من العذاب. القبر لا يحصن الحاكم من أعاصير بلاده. يمكن لجثته أن تتعرض لطعنات كثيرة؛ للشماتة، والسخرية، والإذلال، وفيض الكراهيات. ويمكن أن يصاب القبر بالذعر، وبالإحراج، وبالخوف، وأن يحاول الهرب كمرتكب يبحث عن مخبأ للنجاة من غضب الناس ومحكمة التاريخ. هذا حدث قبل عام. تردد مدير مكتبه «أبو [...]

عبد الرحمن الراشد تمر سنة على نهاية نظام الأسد. التغيير هائل وتداعياته لم تنته بعد. وبمرور الذكرى الأولى، لا تزال هناك أسئلة حائرة، أبرزها: لماذا تحوّل بشار الأسد ونظامه إلى تابع لإيران منذ السنوات الأولى لحكمه؟ في تصوري، لو لم يرتكب تلك السياسة الخطرة، ربما لما آلت نهايته منفياً في موسكو. قناعتي تزداد عند مراجعة [...]