
د. علي الخشيبان
الرسالة السياسية الواضحة والمقلقة لكل متطرف في إسرائيل والقادمة من المملكة تقول: لا سلام ولا تطبيع قبل أن تقوم دولة فلسطينية مستقلة، وهذه الرسالة هي المسار السياسي الذي ارتضاه العالم بأكمله عندما اجتمعت دول العالم في الأمم المتحدة وقررت قيام دولة فلسطينية.
يبدو أن القيادات المتطرفة في الكيان الإسرائيلي بدأت فعليًا تفقد قدراتها على التوازن عند الحديث عن المملكة العربية السعودية، وهي واحدة من أهم دول العالم وليس الشرق الأوسط فقط. فإسرائيل، التي احتلت أرضًا لا تملكها منذ ثمانية عقود، يحاول مسؤولوها المتطرفون اليوم الحديث عن أنفسهم وكأنهم أصحاب أرض وتاريخ ويقودون المنطقة نحو التغير والتحول، بينما البعير نفسه في المنطقة سبق وجودهم بملايين السنين. معادلة الانتقاص من التاريخ هي معادلة لا يستخدمها سوى من لا يملك أي مقومات تاريخية تؤهله ليكون جزءًا من هذه المنطقة. الاغتراب الإسرائيلي على لسان المتطرفين سيبقى ظاهرًا في اللغة التي يستخدمونها لأنهم يدركون حقيقتهم على الأرض.
إسرائيل المحتلة تعرف جيدًا كيف وجدت في المنطقة، وسموتريتش نفسه يدرك في داخله كيف تم فرض إسرائيل على الجغرافيا والتاريخ. والكثير من اليهود يدركون حقيقة هذا الكيان الذي تتعامل معه المنطقة بواقعية تامة. فالجميع في العالم، وليس الشرق الأوسط فقط، يدركون أن إسرائيل فرضت فرضًا من القوى الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، وكان ولا يزال يُراد لها أن تجرد الأرض من سكانها من أجل فكرة يهودية غير قابلة للحياة، تقوم على احتلال أرض في منطقة لا تشبه اليهود ولا تشبه إسرائيل بأي شكل من الأشكال، فحتى الملامح والوجوه تعكس غربة هذا الكيان فوق أرض ليست من حقه.
هذه حقيقة إسرائيل التي يعرفها سموتريتش. وإذا كان العالم العربي تعامل مع إسرائيل بواقع سياسي مفروض، فهذا لا يعني أن يقبل بلد مثل المملكة فكرة إزالة الشعب الفلسطيني من على كوكب الأرض من أجل مهاجرين قدموا من الغرب، لكي يقولوا للعالم إنهم يملكون الأرض. الرسالة التي يجب أن يدركها سموتريتش تقوم على فكرة واحدة وجملة مختصرة: “لا تطبيع بدون دولة فلسطينية”. هكذا هي الرسالة الرسمية التي تداولها العالم والقادمة من القيادات السياسية السعودية عبر تاريخ القضية وظهور فكرة حل الدولتين.
نحن مستمرون في ركوب الجمال منذ آلاف السنين وحققنا المعجزات والتطور من على ظهور هذه الجمال. والعالم كله يعرف من هي المملكة العربية السعودية، وأنت أكثر من يعرف ذلك. السعودية هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي إذا قالت شيئًا فهي لا تتراجع عنه، وإسرائيل تدرك أن القضية الفلسطينية في السياسة السعودية هي مثل الرأس للجسد. وهذا لن يتغير لمجرد أنك تفترض أننا نعيش خارج التاريخ باقتراحك أن نستمر في ركوب الجمال. وبالمناسبة، فإن قيمة بعض الجمال لدينا تساوي أكثر من قيمة المنزل الذي تسكنه بعشرات المرات. هل تعلم لماذا؟ السبب أن الجمال تعيش في أرضها، والأرض تعرف قيمة أصحابها، أما أنت فمحتل لأرض ليست لك، فلا تعرف قيمتها، بينما نحن نعرف قيمة الأرض التي نعيش عليها وارتباطنا التاريخي بها وما عليها، بما في ذلك الجمال.
وبرغم اعتذارك بعد ساعات قليلة من تصريحك الذي حاولت فيه أن تنال من المملكة، تأكد أننا لا نخجل من ركوب البعير. ورسالتنا إليك أننا نركب البعير ونبني وطناً بحجم قارة، حققنا فيه المعجزات والتطور دون أن نقتل إنسانًا بريئًا أو نهدم منزلًا أو نرمي عشرات الأطنان من القنابل فوق رؤوس الأبرياء. هذا الوطن وُلد قبل ثلاثة قرون مضت، ومن بناه لم يأتِ إليه عبر سفن تعبر البحار ولا عبر طائرات في الفضاء. المملكة بُنيت بأيدي أهلها وسكانها منذ مئات السنين. فهل عرفت الفرق بين السعودية وإسرائيل، سيد سموتريتش؟
لغة الاستعلاء عبر التاريخ لا تبني سلامًا ولا تحقق استقرارًا، وإذا كان متطرفو إسرائيل يفتقدون لهذه الخاصية فإن مسارهم السياسي معروف إلى أين ينتهي. السلام يبدأ من احترام الحقوق والخيارات، ولن يغير الحديث عن السعودية أي معايير، لأنها لا تنظر إلى الوراء، فالسعودية ماضية في طريقها بثقة. ورسالتنا الخاصة إلى سموتريتش أن من يجهل قيمة المملكة سيكتشف عاجلاً أن منطق الغطرسة لا يصمد أمام منطق دولة الكل يعرف قيمتها وتأثيرها.
الرسالة السياسية الواضحة والمقلقة لكل متطرف في إسرائيل والقادمة من المملكة تقول: لا سلام ولا تطبيع قبل أن تقوم دولة فلسطينية مستقلة، وهذه الرسالة هي المسار السياسي الذي ارتضاه العالم بأكمله عندما اجتمعت دول العالم في الأمم المتحدة وقررت قيام دولة فلسطينية.
نقلا عن صحيفة الرياض السعودية

تابع آخر الأخبار العاجلة، التحليلات العميقة، وكل ما يحدث حول العالم لحظة بلحظة

عبد الرحمن الراشد أحدثت حربُ السَّنتين التي أدارها نتنياهو تغيراتٍ مهمةً على الصَّعيد الجيوسياسي وتوازناتِ القوى في منطقة الشرق الأوسط. تبنَّت إسرائيلُ بعد هجمات أكتوبر 2023 سياسةً مختلفة، من الاشتباكِ مع وكلاءِ إيرانَ إلى سياسة القضاء عليهم. تتوازنُ في المنطقة ثلاثُ قوى إقليميةٍ لكلٍّ منهَا نفوذُها ومجالُها الأمني. إسرائيل في طورِ التَّحول إلى لاعبٍ إقليميّ [...]

أحمد الدريني من ينظر إلى خريطة الإقليم سيدرك أن الوضع لم يعد مجرد أزمات عابرة، لكل واحدة منها تعاط خاص على حدة. بل باتت الخريطة موزعة بين دول مأزومة بحروب خارجية أو اقتتالات أهلية أو مهددة بأشباح انقسام، أو في سبيلها بالفعل للاجتزاء والانتقاص من مساحتها وسيادتها وحدودها. نحن نتحدث عن إقليم كامل، لكل دولة [...]

نايف الدندني – خبير إستراتيجي في شؤون الطاقة في عالم الطاقة، لطالما كان الخلاف بين وكالة الطاقة الدولية IEA ومنظمة البلدان المصدرة للنفط أوبك أحد أبرز التوترات الفكرية والسياسية. الوكالة التي تُمثل مصالح الدول المستهلكة الكبرى وخاصة الغربية، كانت منذ سنوات تُروّج لفكرة أن ذروة الطلب العالمي على النفط باتت وشيكة، بل وأصبحت في بعض [...]

غسان شربل قالَ السياسيُّ العربيُّ إنَّه يشعر بالاستفزاز كلّما قرأ عن الذكاء الاصطناعي والتغييرِ المذهل الذي سيُدخلُه في حياة الدول والأفراد. والاستفزاز ليس وليدَ شعور بالصدمةِ من تغيير هائلٍ يقترب ولن يتمكَّنَ أحدٌ من البقاء خارجه. سيتغير الاقتصادُ وستتغير العلومُ وأساليبُ العملِ والحياة. الاستفزازُ هو نتيجة الفارق المريع بين العالمِ المنخرط في صناعة هذا التَّغيير [...]

عبد الرحمن الراشد باتَ معروفاً أنَّ لِلرئيس الأميركي دونالد ترمب علاقةً متميّزةً معَ وليّ العهدِ السعودي الأمير محمد بن سلمان، وهما يجدّدان اللقاءَ الآن في واشنطن. بينَ رحلتين قامَ بهما للرياض، الأولى في عام 2017 والثانية قبل 6 أشهر. خلالَ هاتين الزيارتين وفي 8 سنوات دارت أحداثٌ كبرى غيَّرت في المنطقة والعالم، وطرحت تصوراتٍ جديدةً، [...]

موسى مهدي تأتي الأحداث الأخيرة في مدينة الفاشر لتكشف الكثير عن مستقبل مليشيا الدعم السريع في إقليم دارفور. بعد هزائمها المتتالية في ولايات الوسط والشرق من السودان، وتحملها خسائر كبيرة، تركز المليشيا الآن على دارفور في محاولة للسيطرة على كامل الإقليم، مستغلة ما لديها من قوة محلية وجنود مرتزقة. الفاشر.. صمود المدينة وفضائح المليشيا ما [...]