تحالف تايوان وصومالي لاند يشعل البحر الأحمر ويهدد الاستقرار الإقليمي

وقع مؤخراً اتفاق أمني بحري بين تايوان و”صومالي لاند”، ما أثار قلقاً واسعاً على الساحة الدولية، حيث يُنظر إليه كخطوة استراتيجية لجر منطقة البحر الأحمر وخليج عدن وشرق إفريقيا إلى صراع دولي محتمل، مع تصاعد التوترات بين واشنطن وبكين، وتنامي النفوذ الإسرائيلي والإماراتي والتركي في القرن الأفريقي.

اتفاق تايوان وصومالي لاند: خطوة جريئة

أعلن وزير خارجية صومالي لاند عبد الرحمن طاهر آدن أن الاتفاق يمثل “شراكة استراتيجية” بين الطرفين، بعد زيارة له إلى واشنطن ولقاء عدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي الذين دعموا مشروع قرار للاعتراف بصومالي لاند كدولة مستقلة.

وتأتي الاتفاقية بعد سنوات من توطيد العلاقات بين هرجيسا وتايبيه، بدءاً من افتتاح مكتب تمثيلي لتايوان في عاصمة صومالي لاند هرجيسا عام 2020، وهو ما أثار غضب الصين التي تعتبر تايوان جزءاً من أراضيها.

ثلاثة أبعاد للاتفاق

  1. الأمن البحري: يشمل الاتفاق تدريبات مشتركة، وتنسيق البحث والإنقاذ، وتبادل الخبرات التقنية لتعزيز قدرات خفر السواحل في صومالي لاند.
  2. الاقتصاد الأزرق: يتضمن التعاون في استغلال مصايد الأسماك، وإدارة الساحل المستدام، وتطوير اللوجستيات البحرية.
  3. نقل التكنولوجيا وبناء القدرات: يشمل توفير نظم المراقبة، والمعدات اللازمة لخفر السواحل، والدعم التقني التايواني.

يمثل طول ساحل صومالي لاند البالغ 850 كيلومتراً على خليج عدن نقطة استراتيجية حيوية لممرات الشحن العالمية، ويمنح تايوان نفوذاً جيوسياسياً مباشراً في مواجهة الصين.

ردود الفعل الصينية

أدانت الصين الاتفاقية واعتبرتها “انتهاكاً للسيادة وتهديداً للاستقرار الإقليمي”، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تتعارض مع مبدأ الصين الواحدة. وتعكس تصريحات بكين رفضها لأي تحركات قد تقلص النفوذ الصيني في البحر الأحمر، خصوصاً مع وجود قاعدتها العسكرية في جيبوتي، التي تعتبر أول منشأة صينية دائمة في الخارج، وتراقب ممرات الشحن الحيوية لمبادرة الحزام والطريق.

البعد الأمريكي والاستراتيجية عبر وكلاء

تُظهر الاتفاقية دور الولايات المتحدة غير المباشر في المنطقة، حيث تعتمد على كيانات غير معترف بها دولياً كأدوات لمواجهة النفوذ الصيني. ورغم عدم الإعلان عن دعم رسمي، فقد أكدت تصريحات الرئيس التايواني لاي تشينغ تي سعيه لتعزيز الشراكات الثنائية “مع دول ذات تفكير مماثل، مثل الولايات المتحدة”.

كما تأتي خطوة الاعتراف الأمريكي المحتمل بصومالي لاند ضمن استراتيجية واشنطن لاستخدام المناطق المتنازع عليها لمراقبة النشاط البحري المتصل بإيران وأنصار الله في اليمن، ومحاصرة النفوذ العسكري والاقتصادي الصيني.

إسرائيل والإمارات وتركيا: شبكة تحالف معقدة

لا تقتصر التحركات على تايوان وواشنطن. فالإمارات، التي تدعم صومالي لاند منذ فترة، تتوسط لإقامة قاعدة إسرائيلية في هرجيسا، بما يمنح تل أبيب موطئ قدم على الساحل الغربي لليمن، بالقرب من مضيق باب المندب، لتأمين مصالحها البحرية والاستخباراتية.

في المقابل، تسعى تركيا لتعزيز نفوذها العسكري والأمني في الصومال، ما يخلق شبكة تحالفات معقدة: كتلة أمريكية تشمل تايوان، إسرائيل، والإمارات، تتعارض مع مصالح بكين وتركيا وأنصار الله في صنعاء، وتحوّل صومالي لاند إلى نقطة انطلاق للصراع متعدد الأقطاب.

دور صومالي لاند كإسفين استراتيجي

بفضل وضعها غير المعترف به دولياً، تستغل صومالي لاند الاتفاقية مع تايوان لتعزيز مكانتها الدولية وجذب الدعم من واشنطن. ويعتبر المحللون أن هذه الخطوة تفتح نافذة جديدة للصراعات في البحر الأحمر، وربما تمد إلى الخليج وغرب آسيا، خصوصاً مع تقاطع المصالح بين القوى الكبرى والمحاور الإقليمية.

كما يوفر الاتفاق لتايوان منصة رمزية لاستعراض قوتها الدبلوماسية في مواجهة بكين، بينما تحافظ الصين على خيارات الرد عبر شركائها في المنطقة، بما في ذلك أنصار الله في اليمن، دون الدخول في صدام مباشر مع الولايات المتحدة وحلفائها.

خاتمة

يمثل اتفاق تايوان وصومالي لاند للأمن البحري تحولاً استراتيجياً في البحر الأحمر، إذ يعكس محاولة تدويل الصراع في المنطقة واستخدام كيانات غير معترف بها لتقويض النفوذ الصيني، مع إشراك إسرائيل والإمارات وتركيا في معادلة أمنية جديدة. ومع تصاعد هذه التحركات، يبدو أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة من الصراعات متعددة الأقطاب، حيث تتقاطع مصالح القوى الكبرى مع التحديات الإقليمية في القرن الأفريقي، وخليج عدن، والبحر الأحمر.

لندن – اليوم ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى