
يعكس وصول وفد عسكري مشترك من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة إلى مدينة عدن حجم القلق المتزايد لدى الرياض وأبوظبي من استمرار التصعيد العسكري والسياسي في جنوب اليمن.
ويأتي هذا التحرك في توقيت بالغ الحساسية، بعد إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي سيطرته على مساحات واسعة في محافظات الجنوب، وما رافق ذلك من هجمات دامية أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، ما ينذر بانفجار أمني واسع قد يعيد خلط أوراق الصراع اليمني من جديد.
لطالما شكّل جنوب اليمن ساحة صراع معقدة تتداخل فيها العوامل المحلية والإقليمية. فإلى جانب الحرب المستمرة مع جماعة الحوثي في الشمال، يعيش الجنوب حالة انقسام سياسي وأمني حاد، أبرز مظاهره الصراع بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والمجلس الانتقالي الجنوبي. ومع تصاعد الهجمات الأخيرة، بات خطر الانزلاق إلى مواجهة شاملة بين القوى الجنوبية أكثر واقعية من أي وقت مضى.
ينبع القلق السعودي والإماراتي من عدة اعتبارات استراتيجية وأمنية. أولها أن أي فوضى واسعة في الجنوب ستقوض الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تثبيت حالة من الاستقرار النسبي في اليمن بعد سنوات من الحرب. وثانيها أن الجنوب يمثل منطقة حيوية جغرافيًا واقتصاديًا، إذ يضم موانئ استراتيجية وممرات بحرية مهمة لأمن الملاحة الدولية في خليج عدن وباب المندب.
يرى محللون أن استمرار التصعيد قد يخلق فراغًا أمنيًا تستفيد منه جماعات مسلحة أو تنظيمات متطرفة، وهو سيناريو تسعى السعودية والإمارات إلى تجنبه بشدة. فالجنوب غير المستقر قد يتحول إلى ساحة صراع مفتوحة تهدد أمن دول الجوار، وتفتح الباب أمام تدخلات إقليمية إضافية تعقّد المشهد أكثر.
سياسيًا، تحاول الرياض وأبوظبي الحفاظ على توازن دقيق بين دعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، وإدارة العلاقة المعقدة مع المجلس الانتقالي الجنوبي. فالانحياز الكامل لأي طرف قد يؤدي إلى انهيار التفاهمات السابقة، ويقوض أي مسار تفاوضي مستقبلي. ومن هنا، يبدو التحرك المشترك محاولة لاحتواء الأزمة ومنع الأطراف المحلية من اتخاذ خطوات أحادية قد تشعل صراعًا أوسع.
يحمل وصول الوفد السعودي الإماراتي إلى عدن رسائل متعددة. أولها رسالة داخلية للأطراف اليمنية مفادها أن التصعيد غير مقبول، وأن الحلول العسكرية الأحادية لن تحظى بغطاء إقليمي. وثانيها رسالة إقليمية تؤكد استمرار التنسيق الوثيق بين الرياض وأبوظبي في الملف اليمني، رغم تباين الأدوار وتعدد المصالح خلال السنوات الماضية.
الهجمات التي أودت بحياة عشرات العسكريين في محافظات جنوبية، خصوصًا حضرموت، شكّلت نقطة تحوّل في الموقف الإقليمي. فارتفاع عدد الضحايا أعاد ملف الجنوب إلى صدارة الاهتمام، ورفع منسوب القلق من انهيار الوضع الأمني بشكل سريع. ويرى مراقبون أن هذه التطورات عجّلت بالتحرك السعودي الإماراتي لمنع تحول الاشتباكات المحدودة إلى حرب مفتوحة.
لا تقتصر أهمية عدن على كونها مقرًا مؤقتًا للحكومة اليمنية، بل تمثل رمزًا سياسيًا وثقلًا استراتيجيًا في الجنوب. أي اضطراب واسع فيها ستكون له تداعيات مباشرة على مجمل المشهد اليمني. لذلك، فإن اختيار عدن كمحطة أولى للوفد المشترك يعكس إدراكًا لأهمية احتواء الأزمة من مركزها قبل تمددها إلى محافظات أخرى.
أمام هذا التحرك، تبرز عدة سيناريوهات. السيناريو الأول يتمثل في نجاح الجهود السعودية الإماراتية في تهدئة التوتر، ودفع الأطراف نحو خطوات تصحيحية تشمل انسحاب القوات المستقدمة من خارج المحافظات الجنوبية. أما السيناريو الثاني، فينطوي على فشل هذه الجهود، ما قد يقود إلى تصعيد أكبر يعيد الجنوب إلى مربع الفوضى والصراع المفتوح.
في المحصلة، يعكس التحرك السعودي الإماراتي إدراكًا مبكرًا لخطورة المرحلة التي يمر بها جنوب اليمن. فالرياض وأبوظبي لا تسعيان فقط إلى إخماد توتر آني، بل إلى منع انهيار شامل قد تكون كلفته السياسية والأمنية باهظة على اليمن والمنطقة بأسرها. ويبقى نجاح هذا المسعى مرهونًا بمدى استعداد الأطراف اليمنية لتغليب منطق الحوار على منطق السلاح، في سباق حقيقي مع الوقت.

تواصل شبكة اليوم ميديا سلسلة تحقيقاتها حول فساد نظام البشير وكشف خبايا السودان، وفي الحلقة الثانية نسلط الضوء على تأسيس قوات الدعم السريع عام 2013 ودورها في ارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين خلال العمليات العسكرية في دارفور وجبل مرة. يكشف هذا المقال كيف استغل النظام هذه القوة لترسيخ نفوذه، وكيف أصبح قائدها محمد حمدان دقلو [...]

تتصاعد مؤشرات التوتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل على نحو غير مألوف، بعدما كشفت صحيفة وول ستريت جورنال عن خلافات حادة بين الطرفين بشأن الموقف الإسرائيلي المتشدد تجاه سوريا، في ظل رغبة الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب في تحقيق انفراجة سريعة في الملف السوري بعد التغيرات التي شهدتها البلاد أواخر 2024. واشنطن تعبّر عن استيائها [...]

بدأ محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، يشعر أنه يستحق موقعًا أفضل ضمن هياكل النفوذ والسلطة في السودان. في عام 2007، شرع في تمرد ضد الحكومة السودانية، وهو ما وثقه تحقيق ميداني مصور لشبكة سي إن إن بعنوان "في حضرة الجنجويد" أو “Meet the Janjaweed”، حيث ظهرت المذيعة نعمة الباقر لأول مرة في معسكرات الجنجويد [...]

لجأت حكومة عمر البشير إلى تسليح القبائل واستخدامها للقتال بالوكالة، لمواجهة حركات التمرد المسلحة في أطراف البلاد التي رفعت شعارات تعبر عن تظلماتها. كان ميدان المواجهة الرئيسي هو إقليم دارفور، لكن النار التي أشعلها هناك في أقصى الغرب كان لها أثر طويل المدى على النظام في الخرطوم. بداية الصراع في دارفور بدأت الأزمة عام 2003 [...]

شهدت سوريا تحولات كبيرة خلال السنوات الأخيرة، أبرزها صعود أبو محمد الجولاني، المعروف سابقًا كقائد جهادي في داعش، وتحوله إلى شخصية سياسية مركزية في إدلب، وصولًا إلى لقب "أمير دمشق" بعد سقوط حكومة بشار الأسد. ويُعتقد أن تركيا لعبت دورًا حاسمًا في هذا التحول، من خلال استراتيجيات براغماتية مدروسة. البداية: إدلب والحلم الكبير في ربيع [...]

كشف تقرير نشره موقع أكسيوس عن استعداد البيت الأبيض للتوسط لعقد قمة محتملة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في خطوة أمريكية تهدف إلى تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة، وإعادة دفع مسار اتفاقيات إبراهام. وبحسب التقرير، فإن نتنياهو أبدى رغبته في لقاء السيسي، إلا أن الرئيس المصري أظهر بروداً تجاه [...]