
في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط خلال الأشهر الماضية، برزت دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة الشيخ محمد بن زايد كلاعب فاعل يسعى ليس فقط إلى حماية مصالح بلاده، بل إلى لعب دور مهم في ضبط الاستقرار الإقليمي، خصوصًا بعد التوترات التي جرت بين إيران وإسرائيل. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة اليوم: هل يمكن اعتبار محمد بن زايد ضامنًا حقيقيًا للاستقرار في منطقة تحكمها متغيرات متسارعة وصراعات معقدة؟
اتبعت الإمارات في السنوات الأخيرة سياسة خارجية تقوم على مبدأ التوازن والوساطة، مع محاولة الحفاظ على علاقات متوازنة مع مختلف القوى الإقليمية والدولية، خصوصًا مع الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى. هذا الموقف جعل أبوظبي في موقع استراتيجي يمكنها من لعب دور الوسيط المؤثر.
يقول الخبير الغربي في الشؤون الاستراتيجية، ديفيد ريتشاردسون من معهد “ستراتفور”:
“الإمارات بقيادة محمد بن زايد نجحت في بناء شبكة علاقات ذكية تسمح لها بالتأثير في المشهد الإقليمي، وخصوصًا في الملف الإيراني-الإسرائيلي، حيث لعبت دورًا في دعم التهدئة الأخيرة بشكل غير مباشر.”
ويؤكد الباحث العربي سامر العلي، المختص في الشؤون السياسية الخليجية، أن:
“محمد بن زايد يُنظر إليه كقائد يتفهم تعقيدات المنطقة ويعمل على استغلال موقع الإمارات الجغرافي والسياسي لتعزيز الاستقرار، مستفيدًا من قوتها الاقتصادية وسياساتها الدبلوماسية المرنة.”
لكن الطريق نحو لعب دور “ضامن الاستقرار” ليس سهلاً، إذ تواجه الإمارات تحديات داخلية وإقليمية متعددة، سواء من القوى الإقليمية التي قد ترى في توسع نفوذ أبوظبي تهديدًا، أو من الأزمات الداخلية التي تفرض ضغوطًا على التركيز الخارجي.
المحلل الغربي جوناثان هاريس من مركز “تشاتام هاوس” يرى أن:
“توازن الإمارات بين مصالحها وأجندات القوى الكبرى صعب للغاية. التحدي الأكبر يكمن في المحافظة على علاقات طيبة مع واشنطن وطهران وتل أبيب، خاصة في ظل العداء المستمر بين الطرفين.”
بينما ترى الباحثة العربية ندى حسن أن:
“الاستقرار في الشرق الأوسط لا يعتمد على دولة واحدة مهما كانت قوتها، بل يحتاج إلى توافق شامل ودعم متبادل بين مختلف الأطراف. الإمارات لاعب مهم، لكن وحدها لن تستطيع تحقيق الاستقرار الكامل.”
في الوقت الذي تسعى فيه الإمارات لتعزيز دورها، تتلقى دعمًا من عدد من القوى الدولية، التي ترى فيها شريكًا يمكن الاعتماد عليه في ضبط الأوضاع الإقليمية.
يقول الدبلوماسي الغربي السابق مارك أندرسون:
“الإمارات برؤية محمد بن زايد تمثل نموذجًا للدولة التي تستخدم القوة الناعمة في السياسة، وتعمل على بناء جسور سلام في منطقة تمزقها النزاعات. نجاح أبوظبي في لعب هذا الدور مرتبط بدعم واشنطن وحلفائها.”
من جهتها، المحللة السياسية العربية ليلى الزهراني تشير إلى:
“دور الإمارات لا يقتصر على السياسة الخارجية فقط، بل يشمل أيضًا البُعد الاقتصادي والتنموي، مما يعزز من مكانتها ويمنحها أدوات إضافية لتأمين الاستقرار وتحقيق التنمية المستدامة.”
بينما يسعى محمد بن زايد إلى تعزيز صورة الإمارات كقوة استقرار، تظل المنطقة مسرحًا لتحديات كبرى، من صراعات مسلحة إلى أزمات اقتصادية واجتماعية، ما يعني أن مهمة أبوظبي معقدة وتتطلب استراتيجيات متجددة.
يؤكد جوليان موريس، خبير الشؤون الإقليمية في جامعة كولومبيا:
“الإمارات تبدو اليوم كقائد إقليمي يحاول خلق توازن بين الضغوط السياسية والاقتصادية، وهو ما يجعلها في موقع حساس للغاية.”
في المقابل، يشير المحلل العربي مروان الحداد إلى:
“الاستقرار الذي تتطلع إليه الإمارات يحتاج أيضًا إلى حوار إقليمي أشمل، وربما دور أكبر للمجتمع الدولي، لضمان استدامة أي اتفاقات تهدئة أو سلام.”
مع كل التحديات، يبرز دور محمد بن زايد والإمارات كعامل مؤثر في معادلة الاستقرار الإقليمي، من خلال دبلوماسية ذكية وتوازن دقيق بين القوى الكبرى والإقليمية. لكن يبقى هذا الدور هشًا، معرضًا لاختبارات حقيقية، ما يستدعي دعمًا إقليميًا ودوليًا مستمرًا لتحقيق استقرار أكثر دوامًا.
وحدة السياسة – لندن – اليوم ميديا

اليوم ميديا موقعٌ إخباريّ عربيّ مستقلّ يقدّم محتوى موثوقًا يجمع بين سرعة الخبر وعمق التحليل

في خطوة أثارت موجة واسعة من الجدل، كشف دفاع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بشأن قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018 عن تحول جذري في نهج الولايات المتحدة تجاه ملف حقوق الإنسان، وهو تحول يتجاوز العلاقات السعودية-الأمريكية ويمتد إلى رؤية جديدة للسياسة الخارجية الأمريكية. فعلى الرغم من [...]

أعلنت الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية عن توقيع مذكرة تفاهم استراتيجية في مجال الذكاء الاصطناعي، تتيح للمملكة الاستفادة من أحدث الأنظمة والتقنيات الأمريكية الرائدة، في خطوة تعكس عمق الشراكة التقنية بين البلدين. ويأتي الإعلان خلال زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى واشنطن، حيث أكد البيت الأبيض أن السعودية ستستثمر نحو تريليون [...]

في شمال دارفور، وسط أصوات الرصاص والقذائف، تجلت ملامح الإنسانية في أحلك الظروف. خلال فرارها من مدينة الفاشر بعد سيطرة قوات الدعم السريع، عثرت السيدة الواقية، البالغة من العمر 45 عامًا، على طفلين وحيدين على قارعة الطريق، وهما في حالة خوف شديد بعد فقدان والديهما، وقررت إنقاذهما رغم المخاطر الجسيمة. تروي الواقية لحظة العثور عليهما: [...]

شهدت السنوات الأخيرة تحولًا كبيرًا في الصورة الإعلامية لمحمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، وخصوصًا بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في أكتوبر 2018. وفقًا لـرويترز، قبل الحادثة، روج الإعلام الدولي لمحمد بن سلمان كوجه للتحديث والإصلاح في المملكة، وسُمِّيت هذه الصورة بـ"مملكة الفرص"، حيث كانت المملكة تقدم نفسها كنموذج للتغيير الاقتصادي والاجتماعي في الشرق الأوسط. [...]

مع وصول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن، برزت ملامح ما سُمّي بـ "صفقة الأخلاق أو الغفران"؛ تفاهمات تقوم على استثمارات سعودية ضخمة في السوق الأمريكية مقابل توسيع التعاون السياسي والعسكري. وتشير المعطيات إلى التزام أولي يصل إلى 600 مليار دولار، مع إمكانية بلوغه تريليون دولار لاحقًا. هذا التحقيق يتتبع كيف تشكّلت هذه [...]

في نوفمبر 2025، قام ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بأول زيارة رسمية له إلى واشنطن منذ حادثة مقتل الصحفي جمال خاشقجي، في خطوة اعتبرها المراقبون محطة حاسمة لإعادة تأهيل صورته على المستوى الدولي. وشهدت الزيارة تغطية إعلامية واسعة في الولايات المتحدة، حيث انقسمت التغطية بين التركيز على المكاسب الاقتصادية الضخمة والتعاون التكنولوجي، وبين [...]