
تشهد العلاقات الدولية في منطقة الشرق الأوسط تحولات استراتيجية كبرى، حيث تتجه مصر نحو تعزيز علاقاتها مع الصين على المستويين العسكري والاقتصادي، في خطوة تعكس تحولات جيوسياسية قد تهز موازين القوى في المنطقة. هذا التوجه الجديد يضع واشنطن وتل أبيب في موقف صعب، وسط تخوفات من فقدان النفوذ والتأثير في قلب العالم العربي.
في هذا التقرير الخاص لـ”اليوم ميديا”، نستعرض أبرز الدلالات والنتائج المحتملة لتنامي النفوذ الصيني في مصر، وتأثير ذلك على خريطة القوى الإقليمية والدولية.
وفق البيانات الرسمية في القاهرة، ارتفع الاستثمار الصيني في مصر بنسبة 317% بين عامي 2017 و2022، في حين تراجع الاستثمار الأمريكي بنسبة 31% خلال نفس الفترة. وكشفت بيانات البنك المركزي المصري أن الصين استحوذت على الحصة الأكبر من واردات مصر، بنسبة 10.1% بما يعادل نحو ملياري دولار في السنة المالية المنتهية، في حين جاءت الولايات المتحدة في المركز الرابع بمعدل 6.2% أي ما يقارب 1.2 مليار دولار.
تُعد الصين ثاني أكبر شريك تجاري لمصر بعد الإمارات العربية المتحدة، وتأتي الولايات المتحدة في المرتبة الثالثة. استقطبت مشاريع البنية التحتية، خاصة في المدن المصرية الجديدة، اهتمام المستثمرين الصينيين، حيث تم تنفيذ برج العاصمة الإدارية الجديدة من قبل شركة هندسة البناء الحكومية الصينية بتكلفة 3 مليارات دولار، وفقًا لسفير الصين في القاهرة، لياو لي تشيانغ.
وترتبط مبادرة الحزام والطريق ارتباطًا وثيقًا برؤية مصر 2030، خطة التنمية الطموحة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وفق تقرير مركز الدراسات في واشنطن، يشكل تعاظم العلاقات بين مصر والصين تهديدات خطيرة للمصالح الأمنية الإسرائيلية وعلاقات الولايات المتحدة بالمنطقة. كما لم تكن وساطة بكين الأخيرة بين إيران والسعودية خطوة عشوائية، بل تعكس استعداد الصين لتعميق نفوذها في الشرق الأوسط.
تشير نتائج استطلاع أجراه معهد واشنطن للدراسات إلى أن غالبية المصريين يعتبرون العلاقات مع الصين أكثر أهمية من العلاقات مع الولايات المتحدة. ويُظهر استطلاع سابق للمركز المصري لأبحاث الرأي العام (بصيرة) أن الصين هي “أفضل صديق” لمصر بين الدول غير العربية، في مقابل تصنيف إسرائيل والولايات المتحدة كأكبر أعداء وفقًا للمستطلعين.
تاريخيًا، تمتد العلاقات بين القاهرة وبكين إلى عهد عبد الناصر، حيث كانت مصر أول دولة عربية وأفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية عام 1956، فيما قدمت الصين دعمًا ماليًا لمصر خلال العدوان الثلاثي. واستمرت هذه العلاقات رغم تغير الأنظمة السياسية، بما في ذلك زيارة الرئيس محمد مرسي للصين بعد انتخابه والرئيس عبد الفتاح السيسي بعد وصوله للسلطة.
مع صعود شي جين بينغ وإطلاق مبادرة الحزام والطريق عام 2013، ازدادت أهمية العلاقات بين البلدين، حيث وقّعا “اتفاقية شراكة استراتيجية” في 2014 للتعاون في مجالات الدفاع والتكنولوجيا والاقتصاد ومكافحة الإرهاب. خلال زيارة شي جين بينغ لمصر عام 2016، تم توقيع 21 اتفاقية استثمارية بقيمة 15 مليار دولار.
يُمثل وصول طائرة النقل الاستراتيجية الصينية “زيان واي-20” خطوة مهمة في العلاقات العسكرية بين مصر والصين، حيث توفر حمولة تصل إلى 66 طنًا ومدى يصل إلى 7800 كيلومتر، مما يعزز قدرة مصر على النقل العسكري بعيد المدى ويقلل اعتمادها على الشركاء الغربيين.
كما استحوذت مصر على مقاتلات صينية متعددة المهام من طراز “جيه-10 إس”، المجهزة بصواريخ جو-جو طويلة المدى، ونظام دفاع جوي متطور من طراز “إتش كيو-9 بي”، الذي يُنافس أنظمة إس-400 الروسية والباتريوت الأمريكية.
تضم الشراكة العسكرية المصرية-الصينية أيضًا طائرات مسلحة بدون طيار مثل “وينغ لونغ-1 دي” و”آسن-209″، والتي يتم تصنيع بعضها محليًا في مصر بدعم فني صيني، ما يدل على تعاون عميق يمتد إلى نقل التكنولوجيا وبناء الصناعة الدفاعية.
في أبريل ومايو 2025، أجرت القوات الجوية المصرية والصينية أول تدريبات مشتركة باسم “نسور الحضارة 2025″، تضمنت طائرات صينية متقدمة ومقاتلات مصرية روسية الصنع، لتعزيز قابلية التشغيل البيني والثقة المتبادلة بين الجانبين.
طائرة “جيه-10 إس” الصينية تقدم مدى أطول وأسلحة متقدمة مقارنة بطائرات “إف-16” الأمريكية التي تشكل أغلب أسطول مصر الجوي، بينما يوفر نظام الدفاع الجوي “إتش كيو-9 بي” قدرة متقدمة تنافس أنظمة متطورة روسية وأمريكية. كما تعزز طائرة النقل “زيان واي-20” القدرات اللوجستية الإستراتيجية لمصر.
يشير التعاون العسكري المتزايد إلى قرار استراتيجي مصري للاندماج في أنظمة صينية متطورة وتنويع مصادر التسليح، في ظل قيود تاريخية على تكنولوجيا غربية متقدمة.
تمثل العلاقة المتعمقة بين مصر والصين تحولًا استراتيجيًا هامًا في المنطقة، يضع واشنطن وتل أبيب في موقف صعب وسط توسع النفوذ الصيني العسكري والاقتصادي في مصر والمنطقة العربية.
وحدة التحليلات – لندن – اليوم ميديا

تابع آخر الأخبار العاجلة، التحليلات العميقة، وكل ما يحدث حول العالم لحظة بلحظة

في خطوة أثارت موجة واسعة من الجدل، كشف دفاع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بشأن قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018 عن تحول جذري في نهج الولايات المتحدة تجاه ملف حقوق الإنسان، وهو تحول يتجاوز العلاقات السعودية-الأمريكية ويمتد إلى رؤية جديدة للسياسة الخارجية الأمريكية. فعلى الرغم من [...]

أعلنت الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية عن توقيع مذكرة تفاهم استراتيجية في مجال الذكاء الاصطناعي، تتيح للمملكة الاستفادة من أحدث الأنظمة والتقنيات الأمريكية الرائدة، في خطوة تعكس عمق الشراكة التقنية بين البلدين. ويأتي الإعلان خلال زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى واشنطن، حيث أكد البيت الأبيض أن السعودية ستستثمر نحو تريليون [...]

في شمال دارفور، وسط أصوات الرصاص والقذائف، تجلت ملامح الإنسانية في أحلك الظروف. خلال فرارها من مدينة الفاشر بعد سيطرة قوات الدعم السريع، عثرت السيدة الواقية، البالغة من العمر 45 عامًا، على طفلين وحيدين على قارعة الطريق، وهما في حالة خوف شديد بعد فقدان والديهما، وقررت إنقاذهما رغم المخاطر الجسيمة. تروي الواقية لحظة العثور عليهما: [...]

شهدت السنوات الأخيرة تحولًا كبيرًا في الصورة الإعلامية لمحمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، وخصوصًا بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في أكتوبر 2018. وفقًا لـرويترز، قبل الحادثة، روج الإعلام الدولي لمحمد بن سلمان كوجه للتحديث والإصلاح في المملكة، وسُمِّيت هذه الصورة بـ"مملكة الفرص"، حيث كانت المملكة تقدم نفسها كنموذج للتغيير الاقتصادي والاجتماعي في الشرق الأوسط. [...]

مع وصول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن، برزت ملامح ما سُمّي بـ "صفقة الأخلاق أو الغفران"؛ تفاهمات تقوم على استثمارات سعودية ضخمة في السوق الأمريكية مقابل توسيع التعاون السياسي والعسكري. وتشير المعطيات إلى التزام أولي يصل إلى 600 مليار دولار، مع إمكانية بلوغه تريليون دولار لاحقًا. هذا التحقيق يتتبع كيف تشكّلت هذه [...]

في نوفمبر 2025، قام ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بأول زيارة رسمية له إلى واشنطن منذ حادثة مقتل الصحفي جمال خاشقجي، في خطوة اعتبرها المراقبون محطة حاسمة لإعادة تأهيل صورته على المستوى الدولي. وشهدت الزيارة تغطية إعلامية واسعة في الولايات المتحدة، حيث انقسمت التغطية بين التركيز على المكاسب الاقتصادية الضخمة والتعاون التكنولوجي، وبين [...]