الموساد والبلوش: خطة سرية لزعزعة استقرار إيران وباكستان

تكشف تقارير باكستانية عن الدور الذي يلعبه الموساد الإسرائيلي في إيران وباكستان، وكيف يستغل حركة البلوش الانفصالية لإثارة الاضطراب وزعزعة الأمن على طول الحدود بين البلدين.
زيارة بيزشكيان إلى باكستان وأولويات الأمن
عندما زار الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان باكستان في 2 أغسطس للمرة الأولى منذ توليه منصبه، كانت التهديدات الأمنية المتزايدة في إقليم سيستان وبلوشستان الاستراتيجي على رأس جدول الأعمال.
وقد تجلت الحاجة الملحة في ضم منصور بيجار، وهو من أصل بلوشي وعُين حديثًا حاكماً للإقليم، إلى الوفد الرئاسي.
وأظهر الإعلان المشترك في ختام زيارة بيزشكيان، التي استمرت يومين، لغة مباشرة وغير عادية، مؤكدًا عزم كل من إيران وباكستان على مكافحة التشدد على طول حدودهما المشتركة.
وقال منصور خان محسود، المدير التنفيذي لمركز أبحاث فاتا الباكستاني، لموقع “المهد”:
“يبدو أن طهران وإسلام أباد توصلا أخيرًا إلى توافق في الرأي، معترفين بأن التوترات في بلوشستان قد تحولت من انتفاضة محلية إلى لعبة جيوسياسية متعددة الأوجه. وقد سعت كيانات إقليمية إلى التلاعب بالفصائل الساخطة واستغلالها لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.”
تحذيرات المسؤولين الإيرانيين
قبل حادث تحطم المروحية المميت في 20 مايو، الذي أودى بحياة الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان، كان كبار المسؤولين الإيرانيين قد اعترفوا علنًا بدور الجهات الفاعلة الأجنبية في إثارة الاضطرابات داخل حدودهم.
خلال مؤتمر صحفي مشترك في إسلام أباد في 29 يناير، أشار عبد اللهيان إلى أن “دولًا ثالثة” تساعد الفصائل المسلحة العاملة في المناطق الحدودية الإيرانية الباكستانية، مؤكدًا أنها تعرقل السياسات التي تخدم المصالح الإيرانية والباكستانية.
الجبهة المتحدة لتحرير بلوشستان
في 28 يوليو، ذكرت وكالة تاس الروسية للأنباء أن وزارة المخابرات الإيرانية أحبطت تسلل ما لا يقل عن 450 مقاتلاً أجنبيًا خلال صراع عسكري مكثف مع إسرائيل في يونيو.
وحددت المخابرات الإيرانية 300 عميل قرب الحدود الجنوبية الشرقية، يزعم أنهم كانوا يستعدون لهجمات عبر الحدود.
وفي الحرب التي استمرت 12 يومًا، اعتقلت الشرطة الإيرانية حوالي 21 ألف شخص، موجهة اتهامات مباشرة إلى تل أبيب، متهمة الإسرائيليين بتجنيد ونشر المرتزقة من خلال الجبهة المتحدة لتحرير بلوشستان، التي توحد الانفصاليين من منطقتي البلوش الإيرانية والباكستانية.
وأكدت التقارير أن تبادل المعلومات الاستخباراتية بين إسرائيل والانفصاليين أدى إلى خسائر بشرية وبنية تحتية كبيرة لإيران.
الجهود الإسرائيلية والهندية في بلوشستان
أطلق معهد الشرق الأوسط لبحوث الإعلام، وهو مركز أبحاث مؤيد لإسرائيل ومقره واشنطن، مشروع بلوشستان للدراسات في 12 يونيو.
وترى إيران وباكستان هذه المبادرة كجزء من محاولة هندية إسرائيلية منسقة لزعزعة استقرار المنطقة.
وقال عبد الله خان، رئيس المعهد الباكستاني لدراسات الصراع والأمن:
“إيران تعزز علاقاتها مع باكستان على خلفية تزايد تحالف المتشددين مع إسرائيل. إن اتصالهم مع تل أبيب سيتبلور أكثر عندما تغير إيران سياساتها وتتخذ إجراءات ضد ملاذات جيش التحرير الشعبي الصيني داخل أراضيها. الهند أقامت علاقات قوية مع كلا المجموعتين، مما مكنها من أن تكون جسرًا لربطهما بإسرائيل.”
التشدد البلوشي والتحالفات الإقليمية
من بين أبرز المجندين في الحزب الاشتراكي الديمقراطي لميمري مير يار بلوش، قومي بلوشي بارز في حركة بلوشستان الحرة، دعا علنًا إلى بلوشستان علمانية مستقلة تمتد على إيران وباكستان، وسعى للحصول على دعم هندية لتحقيق المشروع.
وتتركز الفصائل البلوشية المتشددة في مجموعتين رئيسيتين:
- جيش تحرير بلوخ-أسلم البلوش (حاليًا فصيل جيش تحرير بلوخ بشير زيب)
- جبهة التحرير البلوشية بقيادة الدكتور نزار
ويتم توجيه هذه الفصائل من قبل قادة شباب الطبقة الوسطى الذين يعملون بشكل مستقل عن القيادة القبلية، ما يزيد من تعقيد الوضع الأمني.
بلوشستان: منطقة حرب بالوكالة
يشير ظهور الموساد الإسرائيلي المتزايد في بلوشستان إلى أن المنطقة أصبحت مسرحًا لنشاط عدائي بالوكالة. ويشعر المسؤولون الإيرانيون والباكستانيون بالقلق تجاه التعاون المتنامي بين الموساد والجماعات البلوشية المتشددة، وهو تحالف قادر على تغيير الأسس الأمنية والإستراتيجية للمنطقة الغنية بالمعادن والمتخلفة اقتصاديًا.
وأبرزت مقالة في دورية “أوراسيا ريفيو” أن الموساد متوغل بعمق في العمليات التي تستهدف الجبهة الجنوبية الشرقية لإيران.
عرقلة مشاريع الحزام والطريق
توفر الحدود الإيرانية الباكستانية، القابلة للاختراق، فرصًا كبيرة للتهريب والتسلل والضربات عبر الحدود.
وترى إسلام أباد أن الهند تهدف إلى إحداث تغييرات داخل باكستان وعرقلة مبادرة الحزام والطريق الصينية التي تمر عبر بلوشستان.
ويؤكد اعتقال ضابط البحرية الهندية كولبوشان جادهاف عام 2016 صحة الادعاءات بأن الهند تنسق عمليات تخريبية مع المتمردين البلوش، وقدمت باكستان الأدلة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
الخلاصة
توضح التحليلات أن بلوشستان تحولت إلى منطقة نزاع بالوكالة، تجمع بين مصالح إسرائيلية وهندية، وتستغل الجماعات الانفصالية لتحقيق أهداف استراتيجية.
وتبقى الشراكة الإيرانية الباكستانية المفتاح لمواجهة هذه التحديات، خاصة في ظل التحالفات الإقليمية المتغيرة والمخاطر الأمنية المتزايدة.
لندن – اليوم ميديا