حرب الظلال بين طهران وتل أبيب: مؤامرات غير مرئية تهز إسرائيل

شهدت الفترة الأخيرة تصاعداً كبيراً في عمليات التجسس بين إيران وإسرائيل، حيث حاولت كلتا الدولتين تجنيد عملاء وتنفيذ عمليات سرية على أراضي الطرف الآخر. ورغم أن الحملات الإسرائيلية ضد إيران كانت أكثر جرأة ونجاحاً خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً هذا الصيف، إلا أن إيران لم تتراجع وأدارت شبكة تجنيد عدوانية داخل إسرائيل نفسها.
بعد الحرب، دخلت وكالة الأمن الداخلي الإسرائيلية في شراكة مع مديرية الدبلوماسية العامة الوطنية لإطلاق حملة إعلامية تحذر المواطنين من التجسس لصالح إيران.
عمليات التجسس الإسرائيلية على إيران
تعاملت إسرائيل مع إيران مثل ساحة عمليات مكشوفة، حيث قامت بتجنيد مصادر من الداخل والخارج، واستهدفت المنشآت النووية، العلماء، والمسؤولين الإيرانيين.
أسفرت جهود التجسس عن تنفيذ عمليات سرية، شملت بناء أنظمة صواريخ وطائرات بدون طيار داخل إيران لضرب أهداف استراتيجية، بمساعدة عناصر جندتها إسرائيل في إيران لتسهيل وصول الطائرات الإسرائيلية إلى المجال الجوي الإيراني.
رد إيران: مطاردة وعقاب
ردت إيران بـمطاردة واسعة للأفراد المشتبه في تعاونهم مع إسرائيل، حيث أُلقي القبض على آلاف الأشخاص، وأعدمت أحد العلماء النوويين متهمةً إياه بالتجسس لصالح إسرائيل.
في الوقت نفسه، شرعت إيران بتوسيع شبكتها داخل إسرائيل لتجنيد عملاء مقابل المال، واستغلال حالات الضائقة المالية أو الانقسامات الاجتماعية، بهدف جمع معلومات حول القواعد العسكرية والقادة والمسؤولين.
التجسس الإيراني داخل إسرائيل
بدأت إيران محاولاتها في إسرائيل منذ عام 2013، لكن النشاط تصاعد منذ 2020.
تركز التجنيد الإيراني على:
- جمع معلومات أساسية عن القواعد العسكرية والمسؤولين.
- نشر دعاية مناهضة للحكومة الإسرائيلية.
- تسهيل محاولات اغتيال واختراق مستهدف للعلماء والصحفيين والقادة العسكريين.
وثقت معاهد استخباراتية، مثل معهد واشنطن للسياسات الخارجية، أكثر من 31 مؤامرة نفذها عملاء إسرائيليون لصالح إيران، شملت إشعال الحرائق، ورصد تحركات القوات، وجمع وثائق حساسة عن البرنامج النووي الإسرائيلي.
أدوات التجنيد الإيرانية
اعتمدت إيران بشكل أساسي على:
- المنصات الرقمية مثل تيليجرام وواتساب لتجنيد العملاء.
- الحوافز المالية غالباً عبر العملات المشفرة.
- تكليف المجندين بمهام تتراوح بين أعمال بسيطة مثل الكتابة على الجدران إلى جمع معلومات استخباراتية شاملة.
حتى حالات التجسس الأكثر تطوراً شملت تجنيد أفراد من نفس العائلة لتوسيع الشبكة، كما حصل مع الأب والابن باسم وتحرير الصفدي، الذين جندتهم طهران لمراقبة تحركات الجيش الإسرائيلي في الجولان.
مؤامرات اغتيال ضد قيادات إسرائيلية
كانت من أخطر المخططات محاولة اغتيال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، ومدير الشاباك السابق رونين بار عام 2024.
تورط فيها موتي مامان، رجل أعمال له صلات بإيران وتركيا، وسافر مرتين للقاء مسؤولي المخابرات الإيرانية بهدف تنفيذ المؤامرة، فضلاً عن محاولات استقطاب ضباط الموساد ليصبحوا عملاء مزدوجين.
أوضح الشاباك أن المؤامرات الإيرانية كانت رداً انتقامياً لمقتل زعيم حماس إسماعيل هنية، لكنها أحبطت قبل التنفيذ.
الخلاصة
توضح هذه التطورات أن حروب التجسس بين إيران وإسرائيل لا تزال تتصاعد في الخفاء، وتشمل تجنيد عملاء، محاولات اغتيال، وعمليات سرية معقدة.
رغم التفوق الاستخباراتي الإسرائيلي، فإن التهديد الإيراني داخل إسرائيل قائم ومستمر، ويشكل تحدياً مستمراً للأمن القومي الإسرائيلي، ما يرفع الحاجة لمراقبة مستمرة وتدابير وقائية مشددة.
لندن – اليوم ميديا