
شهدت السنوات الأخيرة تحولًا كبيرًا في الصورة الإعلامية لمحمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، وخصوصًا بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في أكتوبر 2018. وفقًا لـرويترز، قبل الحادثة، روج الإعلام الدولي لمحمد بن سلمان كوجه للتحديث والإصلاح في المملكة، وسُمِّيت هذه الصورة بـ”مملكة الفرص”، حيث كانت المملكة تقدم نفسها كنموذج للتغيير الاقتصادي والاجتماعي في الشرق الأوسط.
لكن حتى في مواجهة الانتقادات، لم تظهر أي علامات على تآكل هذه الرواية الإعلامية بشكل كامل. ففي مارس 2018، ركزت هيئة الإذاعة البريطانية BBC على قضية اجتماعية محددة، حيث سلطت الضوء على غضب المستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي بعد ظهور محمد بن سلمان في اجتماع بالبيت الأبيض مع أكثر من 20 رجلاً دون حضور أي امرأة، مما أثار تساؤلات حول حقيقة الصورة الإصلاحية للسعودية.
استخدمت وسائل الإعلام البصرية هذا الاجتماع كأداة للانتقاد، مشيرة إلى أن الصورة الذاتية للتحديث في المملكة قد تكون سطحية وغير شاملة. بحسب الغارديان، ركز التقرير على السلبيات في تمثيل المرأة في السلطة، معتبرًا أن الصورة الفوتوغرافية تكشف فجوة كبيرة بين الخطاب الإصلاحي والواقع الاجتماعي والسياسي. هذه الرؤية ساعدت في إعادة صياغة الرواية الغربية عن محمد بن سلمان من مجرد قائد إصلاحي إلى شخصية محل جدل، تجمع بين التحديث والطابع السلطوي في آن واحد.
قبل مقتل خاشقجي، عمل الإعلام الدولي على الترويج لصورة محمد بن سلمان كقائد شاب يسعى لتحديث الاقتصاد السعودي، وخصوصًا من خلال “رؤية 2030” التي هدفت إلى تنويع الاقتصاد السعودي والحد من الاعتماد على النفط Financial Times.
هذه الرواية ركزت على الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك فتح دور السينما، السماح للمرأة بقيادة السيارة، وتشجيع الاستثمار الأجنبي.
مع ذلك، وبعد الحادثة، حصلت الرواية على إعادة تقييم شاملة من الإعلام الغربي. بحسب الغارديان، ظهرت انتقادات جديدة تُركز على انتهاكات حقوق الإنسان والرقابة السياسية، مما جعل الصورة المثالية للإصلاح السعودي أكثر هشاشة أمام التغطية الإعلامية الدولية. هذه التغطية أكدت أن الرواية السابقة كانت تركز على الجانب الاقتصادي فقط، متجاهلة الانتهاكات السياسية والاجتماعية، وهو ما ساهم في بناء خطاب جديد عن ولي العهد، وصفته بعض الوسائل بـ”غفران بلا إرادة”.
بحلول زيارة محمد بن سلمان للولايات المتحدة في نوفمبر 2025، أظهرت وسائل الإعلام الغربية، مثل الغارديان وBBC، أن الصورة السابقة قد تعرضت لتعديل دقيق، حيث تم تقديم ولي العهد في سياق استراتيجي وسياسي يعكس المصالح المشتركة للولايات المتحدة والسعودية. وصف الإعلام هذه الجولة بأنها فرصة لإعادة صياغة رواية “مملكة الفرص”، لكنها في الوقت ذاته لم تنسَ الانتقادات الصريحة بشأن حقوق الإنسان وملف خاشقجي.
وفقًا لـهيومن رايتس ووتش، ركزت بعض التقارير على توظيف المال والدبلوماسية الإعلامية لإعادة تشكيل الصورة الدولية لمحمد بن سلمان، معتبرة أن هذه الطريقة تمثل استراتيجية مدروسة للحفاظ على النفوذ السياسي والاقتصادي، رغم الأزمات الحقوقية. هذه الرواية الجديدة، التي وصفها بعض المعلقين بـ”الغفران السياسي”، لم تُبْنَ على التوبة أو الاعتذار، بل على مقايضة المصالح الاقتصادية والسياسية مقابل إعادة الثقة الإعلامية.
تحليل الصورة الفوتوغرافية والاجتماعية التي رافقت الاجتماعات الدولية لمحمد بن سلمان يظهر أنها أداة تحكم بصري ورسالة سياسية. بحسب الغارديان 2018، استخدام صور الاجتماعات لتسليط الضوء على عدم تمثيل المرأة كان طريقة لإظهار التناقض بين الإصلاح المعلن والواقع الفعلي، بينما استخدمت الصور الحديثة لزيارة 2025 لتصوير ولي العهد كقائد استراتيجي وحيوي في العلاقات الدولية، مما يعزز الرواية الرسمية: “مملكة الفرص مستمرة، لكن بشروط سياسية واقتصادية”.
رواية “مملكة الفرص” لمحمد بن سلمان تمثل حالة معقدة من التفاعل بين الإعلام والدبلوماسية والسياسة. قبل 2018، ركز الإعلام على الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، بعد 2018 ركز على الانتهاكات والفضائح، وبحلول 2025، أصبح المشهد أكثر توازنًا بين النفوذ السياسي والاقتصادي والصورة الإعلامية.
يمكن القول إن محمد بن سلمان نجح في إعادة صياغة صورته الدولية عبر الدبلوماسية الإعلامية، واستثمارات المال، وبناء العلاقات السياسية، ليُقدم نفسه كقائد إصلاحي استراتيجي، رغم استمرار الجدل حول حقوق الإنسان والانتهاكات السابقة. وفقًا لـBBC، الغارديان، هيومن رايتس ووتش، وFinancial Times، تُظهر سلسلة الأحداث بين 2018 و2025 كيف يمكن توظيف الصورة الإعلامية والسياسية لإعادة بناء رواية كاملة حول القائد والدولة، حتى في مواجهة الأزمات الحادة، مؤكدة أن القوة الإعلامية والسياسية أصبحت أداة رئيسية في صياغة الصورة العامة على الصعيد الدولي.

تابع آخر الأخبار العاجلة، التحليلات العميقة، وكل ما يحدث حول العالم لحظة بلحظة

أعلنت الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية عن توقيع مذكرة تفاهم استراتيجية في مجال الذكاء الاصطناعي، تتيح للمملكة الاستفادة من أحدث الأنظمة والتقنيات الأمريكية الرائدة، في خطوة تعكس عمق الشراكة التقنية بين البلدين. ويأتي الإعلان خلال زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى واشنطن، حيث أكد البيت الأبيض أن السعودية ستستثمر نحو تريليون [...]

في شمال دارفور، وسط أصوات الرصاص والقذائف، تجلت ملامح الإنسانية في أحلك الظروف. خلال فرارها من مدينة الفاشر بعد سيطرة قوات الدعم السريع، عثرت السيدة الواقية، البالغة من العمر 45 عامًا، على طفلين وحيدين على قارعة الطريق، وهما في حالة خوف شديد بعد فقدان والديهما، وقررت إنقاذهما رغم المخاطر الجسيمة. تروي الواقية لحظة العثور عليهما: [...]

مع وصول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن، برزت ملامح ما سُمّي بـ "صفقة الأخلاق أو الغفران"؛ تفاهمات تقوم على استثمارات سعودية ضخمة في السوق الأمريكية مقابل توسيع التعاون السياسي والعسكري. وتشير المعطيات إلى التزام أولي يصل إلى 600 مليار دولار، مع إمكانية بلوغه تريليون دولار لاحقًا. هذا التحقيق يتتبع كيف تشكّلت هذه [...]

في نوفمبر 2025، قام ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بأول زيارة رسمية له إلى واشنطن منذ حادثة مقتل الصحفي جمال خاشقجي، في خطوة اعتبرها المراقبون محطة حاسمة لإعادة تأهيل صورته على المستوى الدولي. وشهدت الزيارة تغطية إعلامية واسعة في الولايات المتحدة، حيث انقسمت التغطية بين التركيز على المكاسب الاقتصادية الضخمة والتعاون التكنولوجي، وبين [...]

يزور ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان واشنطن غداً الثلاثاء في زيارة تهدف لاستعادة مكانته على الساحة العالمية وإثبات قيادته القوية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في أول زيارة له للبيت الأبيض منذ مقتل الصحفي جمال خاشقجي الذي أثار غضباً دولياً واسعاً. ويؤكد اجتماع الثلاثاء على العلاقة الاستراتيجية بين البلدين، التي صمدت رغم الغضب العالمي [...]

في عالمٍ يتأرجح بين الصعود الصيني والتوجّس الأمريكي، تبرز تساؤلات كبرى تتجاوز حدود الاقتصاد والسياسة إلى جوهر مستقبل النظام العالمي: هل يمكن للقوتين العظميين أن تتجنّبا مصير الحروب التي حسمت صراعات الماضي؟ هذا هو السؤال الذي يشعل فتيل النقاش في كتاب "محكومون بالحرب: هل تستطيع أمريكا والصين تفادي فخ ثيوسيديدس؟" للمفكر الأمريكي البارز غراهام أليسون. [...]