
قضى القاضي اللبناني الراحل بولس سلامة في كتابه «الصراع على الوجود» بأنه «كلما قَرُب الإنسان من ميناء السلام – نقول قَرُب لأن مرفأ السلام لا يُدرَك في هذه الدنيا – فقد قارب الكمال».
إذن مَن ألِفَ النقص، واقتنع أيضاً بمقولةِ «توقعْ زوالاً إذا قيل تَمّ»، فإنه لا يُقارِب ميناء السلام لئلا يزول.
وعليه؛ يبقى مفتوحاً باب «الانقسامات» في سِفْرِ «اليَمْنَنَة (الأزمة اليمنية)» مع فصلٍ جديد يوثق انتفاخ وأوهام جماعة «أنصار الله (الحوثيون)»، نتيجة التغطيات الإعلامية والغارات الإسرائيلية والأميركية على مدينة صنعاء وميناء الحديدة مؤخراً… كأنها هدايا أعياد الميلاد المجيد!
بينما يعاني ويصطبر الأبرياء لآثار تلك الغارات، يتباهى ويتبختر الأشقياء: «ما نبالي بشيء؛ لسنا الإمبراطور الذي أخجلته صيحة الطفل البريء: الإمبراطور عارياً»، حين انكشف أمام الجمهور الانخداع الإمبراطوري بوهم الزي الأسطوري، وفق القصة الشهيرة «ثوب الإمبراطور». لا حاجة لهم إلى سِتارٍ يسترهم أو قناعٍ يغطي أوضاعاً جرى اعتيادها، وتُثير التساؤل عن مستقبل اليمن.
صديقٌ أحسن ظنه بي فأرسل يتساءل بشأن مستقبلٍ لا يبالي به كل من لا يبالي، وعن أوضاع اليمن وتطوراته؛ التي تصح تسميتها «تدهورات»!، وعمّا إذا كانت النزاعات ستنتهي أم لا؟
«…إنه كما الساعة (عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي)؛ يبدو المستقبل غامضاً؛ لا سيما أن بعض أبناء اليمن ما زالوا يعيشون الماضي ويعيدونه ولا ينطلقون منه نحو غدٍ أفضل. لكن (التفكير والبحث عن طريق المستقبل) غير مستحيلٍ ألبتة، بل واجب، رغماً عمّن ضلوا سبيل تهيئة أجواء إنهاء النزاع. وحتى ينتهي النزاع، ولئلا تعلو دقات طبول الحرب وحدها، تغدو ممكنةً وضروريةً مواصلةُ توجيه النداء إلى كل الأطراف بمواصلة العمل على ابتداع الوقف التام للنزاع، وإثبات جدارة تَحَمُّل مسؤولية الشأن الداخلي اليمني».
يرى السائلُ أن «نداء السلام (ثمة مجموعة في صنعاء تحمل هذا الاسم) تصدمه سلبياتٌ كثيرة؛ منها: خروج اليمنيين إلى دول أخرى للعيش بأمان، وثارات، وولاءات ضيقة، وتضييع مستقبل شباب وأطفال اليمن».
عدتُ أقول: «نداء السلام أنفع من استدعاء الحرب، والمضي في سبيل إعادة الاستقرار الذي قد يحد من مختلف الظواهر السلبية، يُيسر التفكير والعمل للمستقبل، من أجل جميع أطفال اليمن إناثاً وذكوراً».
ينبغي لِمَن هالَهُ «عُسرُ» السنين العشر الماضية على اليمنيين ومَن تسبب فيه، أن يتذكر نهاية أهوال نصف قرن من النزاع أسفرت عن ملايين الضحايا والمشردين والضائعين في بلدان أخرى… مثل كولومبيا، وفيتنام التي انتهت في أبريل (نيسان) 1975، لتبدأ فوراً بعدها حروب لبنان، وأنغولا التي عاشت 4 عقود من الحروب… وكذا 4 سنين مروعة لرواندا… بالنظرِ إلى هذه النزاعات الأشد هولاً والأطول من النزاع اليمني، يتبين أن جميعها انتهت بسلامٍ يُغيث الناس؛ وإنْ مؤقتاً. لكن؛ لا يَحِلُّ السلام ولن يُغيث مَن لا يسعى إليه، قولاً ثم فعلاً.
ما دمنا على أبواب العام الجديد 2025، فإنه يتعين على اليمنيات واليمنيين بتنوعهم، وتعايشهم وتسامحهم، وصبرهم وعزمهم، دخول مسار توعية سلمي يعزز الحوار بين الأطراف، من خلال أمرين اثنين:
أولهما: مواصلة التذكير بانتفاء جدوى استمرار النزاع، ولا زوال لمن يعمل على إنهائه.
وثانيهما: مساندة الوسطاء الدوليين والإقليميين في إكمال مسعاهم، باستجابة اليمنيين.
وما دامت هناك بقية أمل، فليعمل الجميع دون يأسٍ من أجل #السلام_لليمن؛ لأنه الطريق المُثلى إلى مستقبلٍ أفضل ينتظر أهلَه، مهما عطلت «تدهورات» الحاضر مقاربة الكمال.

سمير عطا الله يقول الكاتب الكويتي سعد بن طفلة العجمي إن الكتّاب العرب امتهنوا انتقاد الخليج والخليجيين، بمناسبة أو من دونها، وبسبب أو من دونه. واستمرت الظاهرة فترة طويلة. وانقسم المنخرطون فيها إلى فئات: الاستعلائيون الذين رأوا في الخليجيين «حديثي نعمة» وأثرياء النفط. واليسار القومي الذي رأى في البحبوحة عقبة كبرى في وجه تحرير فلسطين [...]

مارك ماكغيروفسكي تصوّر إدارة ترامب أوروبا على أنها ضعيفة ومشلولة وتواجه محواً حضارياً، ويبدو أنه يمكن الاستغناء عنها من منظور استراتيجية الأمن القومي الأمريكي؟ لا شك أن الرئيس ترامب يحب القادة الأقوياء. وكثيرًا ما يُخيّل إليه أن هذا هو المعيار الوحيد الذي يطبقه على رؤساء الدول الأجنبية عند تقييم مكانتهم السياسية وفائدتهم في تحقيق الأهداف [...]

غسان شربل ليس صحيحاً أن الغياب يعفي من العذاب. القبر لا يحصن الحاكم من أعاصير بلاده. يمكن لجثته أن تتعرض لطعنات كثيرة؛ للشماتة، والسخرية، والإذلال، وفيض الكراهيات. ويمكن أن يصاب القبر بالذعر، وبالإحراج، وبالخوف، وأن يحاول الهرب كمرتكب يبحث عن مخبأ للنجاة من غضب الناس ومحكمة التاريخ. هذا حدث قبل عام. تردد مدير مكتبه «أبو [...]

عبد الرحمن الراشد تمر سنة على نهاية نظام الأسد. التغيير هائل وتداعياته لم تنته بعد. وبمرور الذكرى الأولى، لا تزال هناك أسئلة حائرة، أبرزها: لماذا تحوّل بشار الأسد ونظامه إلى تابع لإيران منذ السنوات الأولى لحكمه؟ في تصوري، لو لم يرتكب تلك السياسة الخطرة، ربما لما آلت نهايته منفياً في موسكو. قناعتي تزداد عند مراجعة [...]

موسى مهدي لم يعد هناك شك في أن السودان يتعرض لغزو خارجي كبير، وسط ارتال الأفواج القادمة من إفريقيا الوسطى على الحدود السودانية، والتي تم توثيقها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وشاهدها العالم بأسره. وبالتالي، فإن المعركة التي يخوضها الجيش السوداني ضد الجنجويد وداعميهم من الخارج، هي معركة الكرامة ووجود الأمة السودانية، ولا تقبل المساومة أو [...]

أماني الطويل إن ما نشهده اليوم في السياسة الأميركية تجاه السودان ليس مجرد تناقضات عابرة، بل أزمة في صنع القرار والتنسيق داخل الإدارة، والتباين الصارخ بين مسار بولس ومسار روبيو يعكس غياب رؤية استراتيجية واضحة، أو على الأقل غياب القدرة على تنفيذ هذه الرؤية بصورة متسقة. تكشف الأزمة السودانية عن واحدة من أكثر حالات التناقض [...]