image

زهران ممداني

بقلم: بيرني ساندرز

هذا المقال مترجم عن صحيفة الغارديان البريطانية ضمن سلسلة “آراء عالمية”، ويعبّر عن وجهة نظر كاتبه ولا يعكس بالضرورة موقف “اليوم ميديا”

في مقال لاذع، ينتقد السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز قيادة الحزب الديمقراطي ويتساءل: لماذا يصرّون على التمسك بالوضع الراهن، رغم غضب الطبقة العاملة وصعود مرشحين تقدميين مثل زهران ممداني؟ هل سيتعلّمون قبل فوات الأوان؟

يفضّل العديد من قادة الحزب الديمقراطي أن يكونوا قادة سفينة “تايتانيك” الغارقة على أن يغيّروا المسار.

الحزب الديمقراطي اليوم يقف عند مفترق طرق حاسم:

يمكنه الاستمرار في تبني سياسات تحافظ على نظام اقتصادي وسياسي فاسد ومنحاز، وتتجاهل معاناة 60% من الأمريكيين الذين يعيشون على رواتبهم الشهرية. ويمكنه أيضًا إدارة ظهره لطموحات جيل شاب، يبدو أنه – إن لم يتغير النظام – سيعيش حياة أسوأ من حياة آبائه.

يمكن للحزب أن يستمر في الاعتماد على تبرعات المليارديرات ومستشاري الحملات المنفصلين عن واقع الشارع، وأن يهدر الملايين على إعلانات دعائية سخيفة لا يلتفت إليها أحد.

ويمكنه تجاهل الحقيقة الصادمة: ملايين الأمريكيين تخلّوا عن الديمقراطية لأنهم لم يعودوا يرون أن حكومتهم تفهم معاناتهم أو تفعل شيئًا حيالها.

لكن بالمقابل، يمكن للحزب أن يتعلّم من درس حملة زهران ممداني – الدرس الذي أكّدته الانتخابات التمهيدية في نيويورك هذا الأسبوع.

الشجاعة لمواجهة النظام

الدرس واضح:
تحلّوا بالشجاعة لمواجهة القضايا الاقتصادية والأخلاقية الحقيقية التي تهم الغالبية، تحدّوا سلطة وجشع الأوليغارشية، وادفعوا بأجندة تضع مصلحة العائلات العاملة في الصدارة.

ربما يزعم البعض أن فوز ممداني كان نتيجة كاريزما شخصية. نعم، هو كذلك. لكنه لم يكن ليحدث دون حركة شعبية قوية حملت برنامجه الاقتصادي وطرقَت أبواب آلاف الناخبين.

ففي نيويورك، كما في باقي أنحاء الولايات المتحدة، يدرك الناس أنه في أغنى بلد في العالم لا ينبغي لأحد أن يعاني لتأمين الطعام أو دفع الإيجار أو تسديد الفواتير الطبية. هؤلاء هم المواطنون الذين لا يعرف الحزب التقليدي أنهم موجودون.

ما يعتبره البعض “تطرفًا”

ممداني وُصِف بأنه “راديكالي” لمجرد أنه:

  • طالب بجعل الأغنياء والشركات الكبرى يدفعون حصتهم العادلة من الضرائب.
  • دعا إلى وقف زيادة الإيجارات وسط أزمة إسكان خانقة.
  • اقترح أن يكون النقل العام مجانيًا لتخفيف عبء التنقل.
  • نادى بإنشاء متاجر غذائية عامة للفقراء الذين لا يجدون طعامًا جيدًا.

هذه المطالب ليست “تطرفًا”. بل هي صدى لمطالب الشعب الحقيقي. قد لا تعجب المليارديرات، لكنها تعبّر عن حاجة الناس، وربما، حان الوقت للاستماع إليهم.

شعبية لا نجومية

فوز ممداني لم يكن بسبب “النجومية”، بل نتيجة “قوة الشعب”. هو انتصار لحراك يعيد الحياة إلى الديمقراطية ويفتح أبواب القرار لعامة الناس.

الأهم من ذلك، أن ممداني لم يتهرب من القضايا الأخلاقية الكبرى، وعلى رأسها: إنهاء الدعم العسكري الأمريكي لحكومة نتنياهو اليمينية التي تسحق غزة وتجوّع أطفالها.

لقد أوضح أن معاداة السامية إيديولوجية بغيضة، لكن انتقاد سياسات نتنياهو اللا إنسانية لا يُعدّ معاداة للسامية.

انتقاد ترامب لا يكفي

الدرس العميق من حملة ممداني هو التالي:
لا يكفي انتقاد ترامب وسياساته. يجب تقديم رؤية بديلة، تشرح لماذا وصلنا إلى ما نحن عليه، وتعرض طريقًا أفضل لمستقبل أكثر عدلًا.

في زمنٍ يتراجع فيه الأمل، يجب أن يشعر الناس بأنه يمكننا التغيير إذا عملنا معًا، وواجهنا أصحاب النفوذ، وبنينا عالمًا قائمًا على العدالة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

من يقرر المستقبل؟

هل ستتعلم قيادة الحزب الديمقراطي من هذه التجربة؟ على الأرجح لا.

العديد منهم يفضّلون أن يكونوا قادة “التيتانيك” الغارقة، على أن يغيّروا الاتجاه.

لكن لحسن الحظ، لم يعد رأيهم هو الفيصل.
لقد بذلت المؤسسة التقليدية كل ما بوسعها لهزيمة ممداني – أموال ضخمة، دعم نخبوي، وإعلام معادٍ – ومع ذلك، خسرت.

الطبقة العاملة الأميركية، لا قيادة الحزب، هي من سيحدد مستقبل الديمقراطيين.

الناس بدأوا يدركون أن النظام السياسي فاسد، وأنه لا يجب أن تُشترى الانتخابات بأموال المليارديرات.
وأنهم يستحقون الرعاية الصحية، والسكن اللائق، والأجور العادلة، والتعليم، والنقابات.

لا أحد سيوقفنا

الشعب الأميركي بدأ ينهض.
رأينا ذلك في فعاليات “محاربة الأوليغارشية” التي اجتذبت الآلاف.
ورأيناه في مسيرات “لا للملوك” التي اجتاحت الولايات.
ورأيناه في انتصار ممداني.

نحن نمضي قدمًا.
ولا أحد سيوقفنا.

✍️ بيرني ساندرز
عضو مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية فيرمونت، وأقدم عضو مستقل في تاريخ الكونغرس، وعضو بارز في لجنة الصحة والتعليم والعمل والمعاشات.

ترجمة خاصة – اليوم ميديا | عن صحيفة الغارديان البريطانية