تحليل: هل ما يحدث الآن هو بداية لنهاية دولة إسرائيل؟

تعيش دولة إسرائيل لحظات مفصلية في تاريخها، وسط تصاعد أزمة حادة لم تشهدها منذ عقود. من حرب غزة التي أدمت المشهد الإقليمي، إلى الضغوط الدولية المتزايدة، مرورًا بالتغيرات السياسية في الغرب التي تعيد تشكيل مواقفها من القضية الفلسطينية، يبدو أن الأرض تهتز تحت أقدام تل أبيب. لكن هل هذا فعلاً بداية لنهاية دولة إسرائيل؟ أم هو استنزاف مؤقت في مسيرة دولة تواجه تحديات معقدة؟

الغرب يقرأ المشهد: اعترافات متزايدة وفقدان الدعم

في الأعوام الأخيرة، برز تغير واضح في مواقف الدول الغربية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، خاصة مع تصاعد الحملة العالمية من أجل الاعتراف بدولة فلسطين. تأثرت الدول الأوروبية بشكل ملحوظ بهذا التوجه، حيث أعلنت 14 دولة غربية، بقيادة فرنسا وبضغط سعودي، نيتها الاعتراف بدولة فلسطين رغم المعارضة الأمريكية والإسرائيلية.

هذا التحول لم يأتِ من فراغ، بل جاء كنتيجة لضغط شعبي واسع، وحراك دبلوماسي عربي وأوروبي هدف إلى إعادة توازن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية.

ويقول الدكتور نيكولاس باركر، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كامبريدج: “الغرب بدأ يفقد صبره مع إسرائيل، خاصة بعد الحرب الأخيرة في غزة التي كشفت عمق الأزمة الإنسانية والمأساة التي يعيشها السكان المدنيون. هذا يعيد التوازن ويضع تل أبيب تحت مجهر نقد دولي أكثر حدة.”

حرب غزة: معضلة إنسانية تثير القلق الدولي

الحرب على غزة، التي خلفت آلاف الضحايا ودمارًا هائلًا، سلطت الضوء على مأساة إنسانية تتجاوز الحدود السياسية. المساعدات الإنسانية المتقطعة، خطر المجاعة، وانهيار البنية التحتية، أثارت حفيظة منظمات الإغاثة والدول التي طالبت بوقف فوري للأعمال القتالية.

وفي هذا السياق، جاء تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوصف ما يجري في غزة بـ”المفجع والمؤسف والعار والكارثي”، وهو اعتراف صادم يعكس حجم الأزمة وأثرها على صورة إسرائيل دوليًا.

يقول المحلل السياسي الأمريكي روبرت جونسون: “هذا النوع من التصريحات من شخص مثل ترامب يُظهر أن الأزمة لم تعد مسألة داخلية فقط لإسرائيل، بل أصبحت عبئًا دبلوماسيًا وإنسانيًا على حلفائها، وهو ما قد يغير مواقفهم تدريجيًا.”

الضغوط الدولية: هل تخسر إسرائيل حصانتها؟

خلال السنوات الماضية، اعتادت إسرائيل على دعم قوي من الولايات المتحدة، الذي شكل درعًا لها في المحافل الدولية. ولكن الآن، مع تزايد الغضب العالمي من العمليات العسكرية في غزة، ومع تراجع الحماس الأمريكي القديم، بدأت بعض الدول الحليفة تعيد النظر في مواقفها.

المحلل الفرنسي في باريس، جوليان دو لا رو، يرى أن: “إسرائيل لم تعد محصنة من انتقادات الغرب، والأحداث الأخيرة قد تمهد الطريق لموقف أكثر توازنًا تجاه القضية الفلسطينية، وربما لحل سياسي يضمن حقوق الطرفين.”

ويضيف: “الضغط الدولي لا يهدف إلى زعزعة أمن إسرائيل بقدر ما يطالب بإنهاء الصراع وإنهاء المعاناة الإنسانية، وهو اختبار حقيقي لإرادة تل أبيب السياسية.”

الواقع الداخلي: هل تعاني إسرائيل من أزمات وجودية؟

إلى جانب الضغوط الخارجية، تعاني إسرائيل من انقسامات سياسية واجتماعية حادة داخليًا. الحكومة الإسرائيلية تواجه تحديات كبيرة في إدارة الأزمة، وسط صراعات داخلية بين الأحزاب وتباين الرؤى حول مستقبل الحلول السياسية. هذه الانقسامات تضعف من قدرة الدولة على التعامل بفعالية مع التحديات الإقليمية.

محللة السياسة الإسرائيلية، ليلى غرين، تقول: “التوتر الداخلي وغياب الوحدة الوطنية يضعف موقف إسرائيل في مواجهة الضغوط الدولية، ويؤثر على ثقة حلفائها الأساسيين.”

هل هي النهاية أم بداية جديدة؟

رغم كل هذه التحديات، هناك من يرى في هذه اللحظة بداية مرحلة جديدة قد تعيد تشكيل الدولة وفق معايير أكثر عدلاً واستقرارًا. فالتغيرات السياسية التي نشهدها في العالم، ووعي المجتمع الدولي المتزايد، قد تدفع إسرائيل إلى إعادة النظر في سياساتها وتبني مسارات جديدة نحو السلام.

خلاصة الأمر أن دولة إسرائيل اليوم أمام مفترق طرق: إما أن تستجيب للضغوط الداخلية والخارجية بحلول جذرية، أو أن تستمر في مسار يهدد وجودها على المدى الطويل.

لندن – اليوم ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى