
مع وصول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن، برزت ملامح ما سُمّي بـ “صفقة الأخلاق أو الغفران”؛ تفاهمات تقوم على استثمارات سعودية ضخمة في السوق الأمريكية مقابل توسيع التعاون السياسي والعسكري. وتشير المعطيات إلى التزام أولي يصل إلى 600 مليار دولار، مع إمكانية بلوغه تريليون دولار لاحقًا. هذا التحقيق يتتبع كيف تشكّلت هذه الترتيبات، وما الذي تعنيه لمعادلة المصالح بين الرياض وواشنطن.
ويمكن القول إن هذه الصفقة لم تُبنَ على العدالة أو الأخلاق فحسب، بل على مزيج من المال والسلاح والنفوذ السياسي، ما يجعلها حالة فريدة تستحق التحليل العميق، وفقًا لـبي بي سي.
في قلب هذه الصفقة يكمن المبدأ الأساسي: الغفران مقابل المنفعة. فالمجتمع الدولي، أو على الأقل بعض الدول الفاعلة، قرر أن مصالحهم الاقتصادية والاستراتيجية تفوق الالتزام بالقيم الإنسانية، وفقًا لـهيومن رايتس ووتش.
اقرأ أيضا
زيارة بن سلمان لواشنطن تثير انقسام الإعلام الأميركي بين الاقتصاد وقضية خاشقجي
بالنسبة لولي العهد، كانت هذه الزيارة فرصة ذهبية لإعادة تأهيل صورته على الساحة العالمية بعد الضغوط الشديدة التي واجهها بعد مقتل خاشقجي. إذ كان أمامه خياران: إما الانعزال الدولي واعتباره منبوذًا عالميًا، أو الانخراط في شبكة علاقات دولية قائمة على المصالح المتبادلة. وباختياره الثاني، بدأ فصلًا جديدًا في طريقة تعامل المملكة مع القوى العالمية، حيث أصبح المال والسلاح أدوات للغفران بقدر ما هما أدوات قوة، وفقا للمصادر نفسها.
على الصعيد الاقتصادي، ركزت الصفقة على استثمار الأموال في قطاعات حيوية للدول الشريكة، بما في ذلك التكنولوجيا والطاقة والبنية التحتية، وفقًا لـفايننشال تايمز. المملكة، بعوائدها النفطية الضخمة، قدمت حوافز اقتصادية جذابة، ما جعل الالتزامات الأخلاقية تتراجع أمام الفرص الاستثمارية الهائلة. هذا النهج يعكس فلسفة الديبلوماسية الاقتصادية، حيث تُستخدم الموارد المالية لتعزيز النفوذ الدولي وتقديم صورة إيجابية لقادة قد يواجهون اتهامات حقوقية، وفقًا لـالإيكونوميست.
أما من زاوية السلاح والأمن، فقد شكلت صفقات الأسلحة والدفاع جزءًا جوهريًا من بناء هذا الغفران الدولي. فالدول الكبرى لم تتردد في بيع الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية، معتبرة أن استقرار المنطقة ومصالحها الاستراتيجية أهم من الانتقادات الحقوقية، وفقًا لـSIPRI . وهذا منح المملكة قدرة إضافية على التفاوض من موقع قوة، دون الالتفات إلى الفضائح أو القضايا الأخلاقية السابقة.
وبالنظر إلى البعد السياسي، كانت الصفقة بمثابة إعادة رسم لعلاقات المملكة مع العالم، مع التركيز على التحالفات الانتقائية التي تخدم مصالح محددة. وفقًا لـForeign Policy ، اختارت القيادة السعودية بعناية الدول التي يمكن أن تحقق لها مكاسب اقتصادية وأمنية مباشرة، متجاوزة بذلك أي ضغوط حقوقية أو نقد إعلامي. الغفران هنا لم يكن نابعًا من التوبة أو الاعتذار، بل من المصالح المشتركة والاتفاقيات الاستراتيجية.
اقرأ أيضا
ترامب يثني على ولي العهد السعودي ويصف اللقاء بالاستثنائي
من زاوية التحليل الإعلامي، نجحت هذه الصفقة في تحويل الانتباه من القضايا الحقوقية إلى الإنجازات الاقتصادية والسياسية. ركزت الحملات الإعلامية المصاحبة على الاستثمارات الجديدة، التعاون التجاري، والتقدم التكنولوجي، مما ساعد على إعادة صياغة السرد العالمي حول ولي العهد، من شخصية مثيرة للجدل إلى زعيم استراتيجي مهم على المستوى الدولي، وفقًا لـCNN (.
مع ذلك، يثير هذا التحليل سؤالًا جوهريًا حول حدود الأخلاق في السياسة الدولية: هل يمكن لمعادلة المال والسلاح أن تكون قاعدة لتعويض أو نسيان ممارسات مثيرة للجدل؟ وهل يمكن أن يظل الغفران قائمًا فقط على المصالح الاقتصادية والاستراتيجية دون الالتزام بالمعايير الأخلاقية؟ التجربة السعودية الأخيرة تقدم نموذجًا واضحًا على أن السياسة الواقعية غالبًا ما تتفوق على المبادئ الأخلاقية في صفقات القوة الدولية، وفقًا لـأمنستي إنترناشونال.
في نهاية المطاف، تقدم هذه الصفقة مثالًا صارخًا على كيفية إعادة صياغة العلاقات الدولية من خلال المال والسلاح، مع تجاهل جزئي أو كلي للمعايير الحقوقية. فهي ليست مجرد زيارة رسمية، بل صفقة أخلاق عليا، حيث يتم تحديد الغفران بناءً على المصالح، وليس العدالة. وتوضح هذه الحالة كيف يمكن للدبلوماسية الاقتصادية والعسكرية أن تعيد رسم صورة شخصية أو دولة على الساحة الدولية، حتى في مواجهة انتقادات جدية تتعلق بحقوق الإنسان، وفقًا لـرويترز.

تابع آخر الأخبار العاجلة، التحليلات العميقة، وكل ما يحدث حول العالم لحظة بلحظة

أعلنت الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية عن توقيع مذكرة تفاهم استراتيجية في مجال الذكاء الاصطناعي، تتيح للمملكة الاستفادة من أحدث الأنظمة والتقنيات الأمريكية الرائدة، في خطوة تعكس عمق الشراكة التقنية بين البلدين. ويأتي الإعلان خلال زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى واشنطن، حيث أكد البيت الأبيض أن السعودية ستستثمر نحو تريليون [...]

في شمال دارفور، وسط أصوات الرصاص والقذائف، تجلت ملامح الإنسانية في أحلك الظروف. خلال فرارها من مدينة الفاشر بعد سيطرة قوات الدعم السريع، عثرت السيدة الواقية، البالغة من العمر 45 عامًا، على طفلين وحيدين على قارعة الطريق، وهما في حالة خوف شديد بعد فقدان والديهما، وقررت إنقاذهما رغم المخاطر الجسيمة. تروي الواقية لحظة العثور عليهما: [...]

شهدت السنوات الأخيرة تحولًا كبيرًا في الصورة الإعلامية لمحمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، وخصوصًا بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في أكتوبر 2018. وفقًا لـرويترز، قبل الحادثة، روج الإعلام الدولي لمحمد بن سلمان كوجه للتحديث والإصلاح في المملكة، وسُمِّيت هذه الصورة بـ"مملكة الفرص"، حيث كانت المملكة تقدم نفسها كنموذج للتغيير الاقتصادي والاجتماعي في الشرق الأوسط. [...]

في نوفمبر 2025، قام ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بأول زيارة رسمية له إلى واشنطن منذ حادثة مقتل الصحفي جمال خاشقجي، في خطوة اعتبرها المراقبون محطة حاسمة لإعادة تأهيل صورته على المستوى الدولي. وشهدت الزيارة تغطية إعلامية واسعة في الولايات المتحدة، حيث انقسمت التغطية بين التركيز على المكاسب الاقتصادية الضخمة والتعاون التكنولوجي، وبين [...]

يزور ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان واشنطن غداً الثلاثاء في زيارة تهدف لاستعادة مكانته على الساحة العالمية وإثبات قيادته القوية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في أول زيارة له للبيت الأبيض منذ مقتل الصحفي جمال خاشقجي الذي أثار غضباً دولياً واسعاً. ويؤكد اجتماع الثلاثاء على العلاقة الاستراتيجية بين البلدين، التي صمدت رغم الغضب العالمي [...]

في عالمٍ يتأرجح بين الصعود الصيني والتوجّس الأمريكي، تبرز تساؤلات كبرى تتجاوز حدود الاقتصاد والسياسة إلى جوهر مستقبل النظام العالمي: هل يمكن للقوتين العظميين أن تتجنّبا مصير الحروب التي حسمت صراعات الماضي؟ هذا هو السؤال الذي يشعل فتيل النقاش في كتاب "محكومون بالحرب: هل تستطيع أمريكا والصين تفادي فخ ثيوسيديدس؟" للمفكر الأمريكي البارز غراهام أليسون. [...]