
في ظل تصاعد التهديدات الإرهابية في منطقة الساحل الإفريقي، وسط صمت عربي شبه تام وتجاهل إعلامي واسع، تُترك المنطقة وحيدة في مواجهة هذا التصاعد المقلق للعنف والإرهاب. ومع هذا الفراغ المتزايد، تبرز جهود فكرية وتنموية لافتة، تقودها دولة الإمارات العربية المتحدة وشخصيات دينية مرجعية، في طليعتها الشيخ المحفوظ بن بيه، الأمين العام لمنتدى أبوظبي للسِّلم.
وتعتمد هذه المبادرات على مقاربة متعددة الأبعاد تجمع بين البُعد الفكري والديني من جهة، والدعم التنموي والاستثماري من جهة أخرى، في محاولة كسر حلقة العنف المتصاعد في الساحل الأفريقي.
وقد شكّل المؤتمر الإفريقي للسلام، الذي عُقدت دورته الخامسة في نواكشوط، بحضور أكثر من 3000 مشارك من دول إفريقيا والشرق الأوسط وروسيا والولايات المتحدة، نقطة التقاء نادرة بين الزعامات الدينية وصنّاع القرار، تحت إشراف الشيخ المحفوظ بن بيه، الأمين العام لمنتدى أبوظبي للسِّلم، الذي يدفع برؤية تتجاوز المقاربة الأمنية التقليدية إلى معالجة فكرية عميقة لجذور التطرف.
في مقابلة مع مجلة “جون أفريك”، يقول الشيخ المحفوظ بن بيه:
“كما في المؤتمرات السابقة، يهدف مؤتمرنا إلى مناقشة السلام، وخاصةً في الإسلام. في سياقٍ غالبًا ما يقع فيه ديننا رهينةً لمن يُولّدون العنف والحرب والفوضى في أفريقيا وحول العالم، فإن الدفاع عن السلام واجبٌ علينا.”
ويتابع:
“يستغل هؤلاء المتطرفون ديننا لأغراض سياسية ومادية، ويستبعدون الآخرين بالردة، ويحصرونهم في حالة من الاختلاف الجذري الذي لم يعد يسمح بالحوار. لا يتحدث المؤتمر عن هذا السلام فحسب، بل ينشره أيضًا من خلال مئات القادة الدينيين والسياسيين البارزين الذين يشاركون سنويًا.”

ويضيف:
“رغم الظروف الراهنة، يجب ألا نيأس أبدًا، ومثال أفريقيا يُظهر أن المصالحة وسيلة رائعة لتهدئة القلوب والعقول. لقد قال مانديلا، مُحقًا، إن المصالحة ليست ضعفًا، بل شجاعة فائقة.”
يرى الشيخ بن بيه أن مواجهة الإرهاب تبدأ من تفكيك الخطاب الديني المتطرف، ويقول:
“نفكك، بمساعدة علماء المسلمين، المفاهيم الدينية التي يعتمد عليها المتطرفون، ونُظهر أن هذا غير صحيح إسلاميًا، وبالتالي فإن أفعالهم ومعتقداتهم تُشوّه رسالة السلام التي يحملها الإسلام.”
لكنه يقر بأن هذا الجهد لا يكفي وحده:
“تزدهر الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية خاصة، مثل بطالة الشباب وأزمة بيئية خانقة. ولكي يكون تفكيك الخطاب المتطرف وتعزيز السلام فعالين، يجب أن يقترن بدعم التنمية الاقتصادية لدول الساحل.”
يشيد الشيخ المحفوظ بالدور الإماراتي، ويؤكد:
“يُعقد مؤتمر السلام الأفريقي سنويًا بفضل الدعم الدائم والمخلص من دولة الإمارات العربية المتحدة والحكومة الموريتانية… لطالما كان التطرف مصدرًا للعنف والصراع. بنضالها من أجل السلام، تُسهم الإمارات، بطريقتها الخاصة، في مكافحة هذه الأشكال من التطرف.”
ويضيف:
“يُعتبر مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة الراحل، الشيخ زايد آل نهيان، شخصيةً عالميةً اشتهرت بنضالها من أجل السلام والاستقرار… ويواصل هذا التوجه اليوم الرئيس الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي يقود واحدة من أكثر الدول العربية إسهامًا في المساعدات الإنمائية، لا سيما في منطقة الساحل.”
ورغم هذه الجهود، تبقى هناك تحديات حقيقية تعيق إحراز تقدم سريع، من أبرزها:
يقول د. جون ماكلارين، أستاذ الدراسات الإفريقية والأمن الدولي في جامعة أكسفورد:
“التطرف في الساحل ليس فقط تهديدًا محليًا، بل مسألة أمن دولي. لا يمكن لأي جهد خارجي أن ينجح دون دعم من الداخل، ومبادرات مثل مؤتمر السلام الإفريقي تمثل نواة صلبة لإعادة بناء الثقة المحلية وتقديم بدائل فكرية وتنموية حقيقية.”

ويؤكد:
“إذا لم يُرافق الجهد الديني بتغيير حقيقي في ظروف المعيشة، فإن التطرف سيبقى يعيد إنتاج نفسه بأشكال جديدة.”
يقدّم المؤتمر الإفريقي للسلام نموذجًا فريدًا في الجمع بين الفقه والتخطيط السياسي والتنمية الاقتصادية في مواجهة ظاهرة معقّدة وعنيفة مثل الإرهاب في الساحل الإفريقي. وبين رؤية الشيخ المحفوظ بن بيه المعتدلة، والدور الإماراتي الداعم، والمناخ الدولي المتغير، يبقى الأمل معقودًا على تحالفات السلام أن تكون أقوى من تحالفات العنف.
لندن- اليوم ميديا

بعد أكثر من 14 عامًا من الحكم الدامي، ومع سقوط النظام السوري في ديسمبر 2024، تُسلط البيانات المسربة والمصادر الموثوقة الضوء على الحياة الحالية لعائلة الأسد، التي انتقلت من دمشق إلى منفى فاخر بين موسكو والإمارات. بينما يختفي بشار الأسد عن الأنظار العامة، يواصل الاطلاع على طب العيون كلعبة تعليمية، ويعيش هو وأبناؤه حياة مترفة [...]

تواصل شبكة اليوم ميديا سلسلة تحقيقاتها الاستقصائية حول فساد نظام البشير وكشف خبايا السودان. في الحلقة الثالثة نسلط الضوء على محمد حمدان دقلو "حميدتي"، قائد قوات الدعم السريع، وكيف استغل سقوط البشير لترسيخ نفوذه العسكري والسياسي والاقتصادي، داخل المجلس العسكري الانتقالي ومع الشارع الثائر، وصولًا إلى تحركاته الإقليمية والدولية لتعزيز سلطته في السودان والمنطقة. تثبيت [...]

محافظة حضرموت، أكبر محافظات اليمن مساحة وأغناها بالنفط، لطالما كانت منطقة هادئة نسبيًا مقارنة ببقية المحافظات اليمنية التي تعاني من النزاعات المستمرة. لكنها اليوم أصبحت ساحة تنافس محتدمة بين القوى الإقليمية، وخاصة بين السعودية والإمارات، ما يضع الاستقرار المحلي على المحك. وفق تقرير قناة "دويتشه فيله" الألمانية، يرى الخبراء أن التصعيد الحالي في حضرموت يعكس [...]

تواصل شبكة اليوم ميديا سلسلة تحقيقاتها حول فساد نظام البشير وكشف خبايا السودان، وفي الحلقة الثانية نسلط الضوء على تأسيس قوات الدعم السريع عام 2013 ودورها في ارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين خلال العمليات العسكرية في دارفور وجبل مرة. يكشف هذا المقال كيف استغل النظام هذه القوة لترسيخ نفوذه، وكيف أصبح قائدها محمد حمدان دقلو [...]

يعكس وصول وفد عسكري مشترك من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة إلى مدينة عدن حجم القلق المتزايد لدى الرياض وأبوظبي من استمرار التصعيد العسكري والسياسي في جنوب اليمن. ويأتي هذا التحرك في توقيت بالغ الحساسية، بعد إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي سيطرته على مساحات واسعة في محافظات الجنوب، وما رافق ذلك من هجمات دامية [...]

تتصاعد مؤشرات التوتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل على نحو غير مألوف، بعدما كشفت صحيفة وول ستريت جورنال عن خلافات حادة بين الطرفين بشأن الموقف الإسرائيلي المتشدد تجاه سوريا، في ظل رغبة الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب في تحقيق انفراجة سريعة في الملف السوري بعد التغيرات التي شهدتها البلاد أواخر 2024. واشنطن تعبّر عن استيائها [...]