
تواجه منطقة شمال أفريقيا تحديات أمنية غير مسبوقة مع تحول تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من نموذج الخلافة المركزية إلى شبكات منتشرة في مناطق ضعيفة ومهمشة، خصوصًا في الصومال ومنطقة الساحل. وفق صحيفة التايمز البريطانية، يُعتقد أن كهوف وجبال الصومال القاحلة أصبحت مركزًا جديدًا للقيادة تحت زعامة عبد القادر مؤمن، الذي حشد جيشًا يقدر عدده بنحو 1200 مقاتل.
ويؤكد خبراء مكافحة الإرهاب أن هذا التحول يجعل التنظيم أكثر صعوبة في الاستهداف من قبل الدول الغربية والأفريقية على حد سواء، نظرًا لاعتماده على التمويه والتحرك عبر مساحات جغرافية شاسعة. وبحسب تقرير نشره مركز المراقبة العالمية للإرهاب (GCTC)، تعتمد الفروع الجديدة لداعش على التجنيد الرقمي عبر الإنترنت لاستقطاب عناصر جديدة من مناطق ضعيفة مثل الصومال ومالي ونيجيريا.
أشارت الصحيفة إلى أن حوالي 51% من جميع الوفيات المرتبطة بالإرهاب العالمي العام الماضي وقعت في منطقة الساحل، ما يجعلها أحد أخطر البقاع على الأرض. ويُعزى ذلك إلى عدة عوامل محلية، أبرزها:
الفقر وانعدام الأمن الغذائي، مما يدفع الشباب للانضمام إلى الجماعات المسلحة بحثًا عن موارد وفرص.
ارتفاع معدلات البطالة، خاصة بين الشباب، ما يجعلهم عرضة للتجنيد من قبل التنظيمات الإرهابية.
النمو السكاني السريع، الذي يزيد من الضغط على الموارد والخدمات الأساسية.
تغير المناخ، وتأثيره على الزراعة والمياه، مما يفاقم التوترات المحلية.
وتؤكد الصحيفة أن داعش لا يكتفي بالتموضع الميداني، بل يستخدم المهندسين والخبراء التقنيين لتطوير أسلحة وطائرات مسيرة مهربة من اليمن، ما يزيد من قدرته على تنفيذ هجمات في مناطق متعددة، بما في ذلك شمال أفريقيا والساحل الإفريقي.
تُظهر الأحداث أن العلاقة بين تنظيم القاعدة والفروع الجديدة لداعش في شمال أفريقيا معقدة ومتشابكة. بينما تلتزم القاعدة باستراتيجية الهجمات الكبرى، تعتمد داعش على شبكات صغيرة ومتفرقة لإشعال النزاعات المحلية.
وفي مالي، على سبيل المثال، فشل تدخل قوات فاغنر الروسية في حماية الحكومات المحلية من نفوذ داعش المحلي يوضح هشاشة السيطرة على المناطق الحدودية، ويعطي التنظيم الحرية لاستغلال الفجوات الأمنية. وتؤكد الصحيفة أن الفروع الجديدة تعمل على “الإطاحة بسلسلة من الحكومات في شمال أفريقيا”، مستغلة البيئة السياسية المضطربة.
يشير التقرير إلى أن الولايات المتحدة وأوروبا مشغولة حاليًا بالصراعات في أوكرانيا وغزة، إضافة إلى إعادة التسلح وتحضير القوات لخوض حرب باردة جديدة. ويؤكد خبراء الأمن أن هذا الانشغال أدى إلى انخفاض عمليات مكافحة الإرهاب على الأرض، ما منح عبد القادر مؤمن وفرقته فرصة كبيرة للتمدد وفرض النفوذ في مناطق ضعيفة.
ويضيف الخبراء أن “داعش تقوم بالتجنيد عبر الإنترنت حاملة رسالة العنف الجهادي ضد الغرب وجميع الحكومات التي تعتبر معادية لعقيدتها”، وهو ما يزيد من التهديد العالمي لتنظيمات إرهابية أخرى، ويخلق بيئة خصبة للتطرف في مناطق محرومة.
تحليل الوضع في شمال أفريقيا يظهر أن هناك خطرًا مزدوجًا:
محلي: تأثير داعش على الاستقرار السياسي والأمني في دول الساحل والصومال ومالي، مما يعقد جهود التنمية والإغاثة ويزيد من أعداد اللاجئين والنازحين.
عالمي: قدرة التنظيم على استهداف مصالح غربية وإقليمية عبر استخدام التكنولوجيا والأسلحة المهربة، خصوصًا الطائرات المسيرة، ما يهدد خطوط الملاحة والطاقة الدولية ويعقد عمليات مكافحة الإرهاب عبر الحدود.
ويشير مركز الدراسات الأمنية الأوروبية (European Security Studies Center) إلى أن النموذج الشبكي الذي تبناه داعش يجعل من الصعب تحييد قيادات التنظيم أو القضاء على الفروع الصغيرة، ويخلق تهديدات مستمرة حتى في المناطق التي تبدو مستقرة نسبيًا.
تعزيز التعاون الإقليمي والدولي: من المهم أن تنسق الدول الأفريقية مع القوى الكبرى لتبادل المعلومات وتطوير استراتيجيات مشتركة ضد داعش وفروعه.
استهداف البنية التحتية للتجنيد الرقمي: بما أن التنظيم يعتمد على الإنترنت لجذب المقاتلين، يجب تعزيز قدرات الأمن السيبراني والرقابة على المواقع المتطرفة.
دعم التنمية المستدامة والمجتمعات المحلية: الفقر وانعدام الأمن الغذائي يشكلان أرضية خصبة لتجنيد المقاتلين، لذا من الضروري دعم المشاريع التعليمية والصحية والزراعية.
الاستثمار في الدفاع الحدودي والتقنيات الحديثة: مثل الطائرات المسيرة وأنظمة المراقبة المتقدمة لرصد تحركات الفروع الصغيرة قبل تنفيذ الهجمات.

تواصل شبكة اليوم ميديا سلسلة تحقيقاتها حول فساد نظام البشير وكشف خبايا السودان، وفي الحلقة الثانية نسلط الضوء على تأسيس قوات الدعم السريع عام 2013 ودورها في ارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين خلال العمليات العسكرية في دارفور وجبل مرة. يكشف هذا المقال كيف استغل النظام هذه القوة لترسيخ نفوذه، وكيف أصبح قائدها محمد حمدان دقلو [...]

يعكس وصول وفد عسكري مشترك من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة إلى مدينة عدن حجم القلق المتزايد لدى الرياض وأبوظبي من استمرار التصعيد العسكري والسياسي في جنوب اليمن. ويأتي هذا التحرك في توقيت بالغ الحساسية، بعد إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي سيطرته على مساحات واسعة في محافظات الجنوب، وما رافق ذلك من هجمات دامية [...]

تتصاعد مؤشرات التوتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل على نحو غير مألوف، بعدما كشفت صحيفة وول ستريت جورنال عن خلافات حادة بين الطرفين بشأن الموقف الإسرائيلي المتشدد تجاه سوريا، في ظل رغبة الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب في تحقيق انفراجة سريعة في الملف السوري بعد التغيرات التي شهدتها البلاد أواخر 2024. واشنطن تعبّر عن استيائها [...]

بدأ محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، يشعر أنه يستحق موقعًا أفضل ضمن هياكل النفوذ والسلطة في السودان. في عام 2007، شرع في تمرد ضد الحكومة السودانية، وهو ما وثقه تحقيق ميداني مصور لشبكة سي إن إن بعنوان "في حضرة الجنجويد" أو “Meet the Janjaweed”، حيث ظهرت المذيعة نعمة الباقر لأول مرة في معسكرات الجنجويد [...]

لجأت حكومة عمر البشير إلى تسليح القبائل واستخدامها للقتال بالوكالة، لمواجهة حركات التمرد المسلحة في أطراف البلاد التي رفعت شعارات تعبر عن تظلماتها. كان ميدان المواجهة الرئيسي هو إقليم دارفور، لكن النار التي أشعلها هناك في أقصى الغرب كان لها أثر طويل المدى على النظام في الخرطوم. بداية الصراع في دارفور بدأت الأزمة عام 2003 [...]

شهدت سوريا تحولات كبيرة خلال السنوات الأخيرة، أبرزها صعود أبو محمد الجولاني، المعروف سابقًا كقائد جهادي في داعش، وتحوله إلى شخصية سياسية مركزية في إدلب، وصولًا إلى لقب "أمير دمشق" بعد سقوط حكومة بشار الأسد. ويُعتقد أن تركيا لعبت دورًا حاسمًا في هذا التحول، من خلال استراتيجيات براغماتية مدروسة. البداية: إدلب والحلم الكبير في ربيع [...]