
في تحول استراتيجي غير مسبوق، كشفت الولايات المتحدة في وثيقة الأمن القومي الجديدة أنها تعيد النظر جذرياً في أولوياتها العالمية، موجهة رسائل حادة نحو أوروبا، ومؤكدة أن الشرق الأوسط لم يعد يمثل محور الاهتمام كما كان لعقود طويلة. الوثيقة، التي صدرت عن إدارة الرئيس دونالد ترامب، شكلت صدمة واسعة في العواصم الأوروبية، وأثارت تساؤلات حول مستقبل تماسك التحالفات الدولية التي حكمت النظام العالمي منذ الحرب العالمية الثانية.
تصف الوثيقة القارة الأوروبية بأنها تعاني من ضعف بنيوي وسياسي، وتتهم حكوماتها بأنها فقدت ثقتها بنفسها، وتخلّت عن سيادتها لصالح مؤسسات الاتحاد الأوروبي. وتذهب الوثيقة أبعد من ذلك حين تحذّر من “محو حضاري” محتمل خلال عقدين نتيجة الهجرة، معتبرة أن بعض الدول الأوروبية قد تصبح ذات أغلبية “غير أوروبية”.
هذا الخطاب يُعدّ الأشد لهجة تجاه أوروبا في تاريخ الوثائق الاستراتيجية الأميركية، ويشير بوضوح إلى أن إدارة ترامب لم تعد تنظر إلى أوروبا كـ”حليف مضمون”، بل ككيان يعاني أزمة داخلية تهدد قدرته على الشراكة.
ويشير محللون إلى أن هذه الرؤية تتناغم مع الخطاب المتشدد لنائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، الذي سبق وأن وجه انتقادات قوية للاتحاد الأوروبي، ووصفه بأنه “معاد للديمقراطية”.
أحد أكثر العناصر إثارة للجدل في الوثيقة هو غياب أي ذكر لروسيا كتهديد مباشر، على عكس ما ظلّ ثابتاً لعقود في السياسات الأميركية.
بل إن الوثيقة تتعامل مع واشنطن كـ”وسيط” بين أوروبا وروسيا، وليس كحليف لأوروبا ضد موسكو.
ويرى خبراء أن هذا الموقف يعكس ميلاً أميركياً لإعادة ترتيب النظام العالمي بطريقة تمنح روسيا مساحة نفوذ أكبر في أوروبا الشرقية.
تحث الوثيقة على “تعزيز القوى المناهضة للمسار الحالي لأوروبا داخل الدول الأوروبية”، وهو ما فسره محللون بأنه انحياز غير مسبوق للأحزاب اليمينية المتطرفة، خصوصاً تلك التي تعارض الهجرة والاتحاد الأوروبي.
ووفق خبراء الحوكمة الديمقراطية، فإن هذه الرؤية تشكل تدخلاً واضحاً في سياسات أوروبا الداخلية، وقد تعمّق الانقسامات داخل دولها.
في جزء آخر من وثيقة الأمن القومي، تعلن واشنطن بشكل واضح أن الشرق الأوسط لم يعد أولوية استراتيجية.
وتؤكد أن الأسباب التقليدية التي كانت تدفع أميركا للتمركز في المنطقة—النفط والصراعات الكبرى—”لم تعد قائمة”.
وفق الوثيقة:
لكن هذه المقاربة تتجاهل واقع الأزمات التي لا تزال تهز المنطقة، من الحرب في غزة إلى التوترات الإقليمية المتصاعدة.
يرى محللون أن هذه النظرة “التفاؤلية” حول الشرق الأوسط لا تعكس الوضع الحقيقي. فالمنطقة لا تزال تشهد:
ورغم رغبة واشنطن في تقليل ارتباطها بالمنطقة، فإن مصالحها الأمنية والاقتصادية تجعل من الصعب الانفصال الكامل عن الشرق الأوسط.
تكشف الوثيقة أن واشنطن تسعى إلى إعادة رسم خريطة التحالفات الدولية وفق نموذج ثلاثي الأقطاب:
الولايات المتحدة – الصين – روسيا، مع تقليص دور أوروبا والشرق الأوسط.
هذه الرؤية قد تُحدث:
وتشير الوثيقة إلى أن واشنطن تريد “أوروبا أكثر قومية”، و”شرق أوسط أقل مركزية”، و”عالم متعدد الأقطاب يُدار من واشنطن”.

تواصل شبكة اليوم ميديا سلسلة تحقيقاتها حول فساد نظام البشير وكشف خبايا السودان، وفي الحلقة الثانية نسلط الضوء على تأسيس قوات الدعم السريع عام 2013 ودورها في ارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين خلال العمليات العسكرية في دارفور وجبل مرة. يكشف هذا المقال كيف استغل النظام هذه القوة لترسيخ نفوذه، وكيف أصبح قائدها محمد حمدان دقلو [...]

يعكس وصول وفد عسكري مشترك من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة إلى مدينة عدن حجم القلق المتزايد لدى الرياض وأبوظبي من استمرار التصعيد العسكري والسياسي في جنوب اليمن. ويأتي هذا التحرك في توقيت بالغ الحساسية، بعد إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي سيطرته على مساحات واسعة في محافظات الجنوب، وما رافق ذلك من هجمات دامية [...]

تتصاعد مؤشرات التوتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل على نحو غير مألوف، بعدما كشفت صحيفة وول ستريت جورنال عن خلافات حادة بين الطرفين بشأن الموقف الإسرائيلي المتشدد تجاه سوريا، في ظل رغبة الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب في تحقيق انفراجة سريعة في الملف السوري بعد التغيرات التي شهدتها البلاد أواخر 2024. واشنطن تعبّر عن استيائها [...]

بدأ محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، يشعر أنه يستحق موقعًا أفضل ضمن هياكل النفوذ والسلطة في السودان. في عام 2007، شرع في تمرد ضد الحكومة السودانية، وهو ما وثقه تحقيق ميداني مصور لشبكة سي إن إن بعنوان "في حضرة الجنجويد" أو “Meet the Janjaweed”، حيث ظهرت المذيعة نعمة الباقر لأول مرة في معسكرات الجنجويد [...]

لجأت حكومة عمر البشير إلى تسليح القبائل واستخدامها للقتال بالوكالة، لمواجهة حركات التمرد المسلحة في أطراف البلاد التي رفعت شعارات تعبر عن تظلماتها. كان ميدان المواجهة الرئيسي هو إقليم دارفور، لكن النار التي أشعلها هناك في أقصى الغرب كان لها أثر طويل المدى على النظام في الخرطوم. بداية الصراع في دارفور بدأت الأزمة عام 2003 [...]

شهدت سوريا تحولات كبيرة خلال السنوات الأخيرة، أبرزها صعود أبو محمد الجولاني، المعروف سابقًا كقائد جهادي في داعش، وتحوله إلى شخصية سياسية مركزية في إدلب، وصولًا إلى لقب "أمير دمشق" بعد سقوط حكومة بشار الأسد. ويُعتقد أن تركيا لعبت دورًا حاسمًا في هذا التحول، من خلال استراتيجيات براغماتية مدروسة. البداية: إدلب والحلم الكبير في ربيع [...]