
بعد سقوط نظام البشير، أصبح محمد حمدان دقلو المعروف باسم “حميدتي” لاعبًا محوريًا في المشهد السوداني. ركّز على تثبيت نفوذه داخل المؤسسات الانتقالية، مستغلاً الانقسامات بين الجيش والقوى المدنية، وبنى شبكة واسعة من الولاءات العسكرية والسياسية والإعلامية لضمان سيطرته.
في البداية، رفض حميدتي المجلس العسكري الانتقالي برئاسة عوض بن عوف خوفًا من تقييد طموحاته، لكنه انضم لاحقًا إلى المجلس بعد تولي الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئاسة المجلس، ليصبح نائب رئيس المجلس وأصغر من تقلد رتبة فريق أول في تاريخ الجيش السوداني.
تعاون حميدتي مع البرهان يعود إلى حرب دارفور الأولى، وتعززت العلاقة بينهما خلال مشاركتهما في حرب اليمن عام 2015. هذا التحالف القديم أتاح له الاستقلالية في إدارة قواته والتأثير على السياسات الانتقالية.
استفاد حميدتي من إنشاء فريق مكون من 5000 إلى 8000 موظف في قطاعات حيوية، منها الإعلام والبنوك والتجارة، لتأمين ولاءات داخل الدولة. بلغت الرواتب الشهرية للموظفين نحو 34 مليون جنيه سوداني، وكانت أعلى المخصصات في الإعلام التابع لقوات الدعم السريع، مما عزز سيطرته على الخطاب الإعلامي.
كما استعان بمستشارين وصحفيين موالين لتشكيل خط دفاع إعلامي، وأظهر استقلالية واضحة عن قيادة المجلس العسكري، بما في ذلك في العلاقات الدبلوماسية الخارجية.
توسع حميدتي على الصعيد الخارجي، فزار عواصم إفريقية وأوروبية، مستعينًا بوكالات دعاية لتحسين صورته لدى صناع القرار، مثل شركة “ديكنز آند مادسون” الكندية ووكالة “ثينك دكتور” الفرنسية.
كما سعى إلى التقرب من إسرائيل ضمن مساعيه للحصول على دعم تكنولوجي وزراعي، معربًا عن حاجة السودان لتجارب إسرائيلية حديثة، بما يعزز شرعيته الدولية.
في أكتوبر 2021، وافق حميدتي على الانقلاب العسكري للاستيلاء على السلطة، لكنه سرعان ما عاد لتقييم موقفه وسط تصاعد الخلاف مع قيادة الجيش. ومع توقيع “الاتفاق الإطاري” أعاد ترتيب قواته لضمان السيطرة على مؤسسات الدولة الحيوية وتأمين نفوذه العسكري والسياسي.
وصلت قواته إلى حوالي 100 ألف مقاتل، مدعومة بأسلحة متقدمة من جهات إقليمية ودولية، بما فيها مجموعة “فاغنر” الروسية وصواريخ أرض-جو إسرائيلية الصنع.
رغم التقدم التكتيكي لقوات الدعم السريع، ارتكبت انتهاكات واسعة النطاق، بما في ذلك الإبادة الجماعية، النزوح القسري، التجويع، العنف الجنسي، ونهب الممتلكات. قدرت لجنة الإنقاذ الدولية عدد القتلى بنحو 150 ألف شخص، بينما فرّ حوالي 14 مليون نسمة من مناطقهم، مما جعل السودان أكبر أزمة نزوح في العالم.
كما استهدفت قوات الدعم السريع البنية التحتية المدنية، بما في ذلك الجامعات والمقار الحكومية، ومتحف السودان القومي.
بدأ الجيش السوداني في استعادة السيطرة ابتداءً من سبتمبر 2024، مستفيدًا من الدعم الشعبي والتحالفات العسكرية الإقليمية، واستعاد تدريجيًا الولايات الشرقية والوسطى. في المقابل، لجأ حميدتي إلى تكتيكات حرب العصابات، مستهدفًا محطات الكهرباء والهجمات بالطائرات المسيرة، بينما انشق عدد من قادته ومستشاريه لصالح الجيش.
حاول حميدتي تعزيز نفوذه عبر تحالفات سياسية ومسلحة، أبرزها تحالف “تأسيس” الذي أُعلن من نيروبي، بهدف تشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرته، تمهيدًا لاحتمالية تقسيم السودان للمرة الثانية. لكن هذه التحركات قوبلت بمعارضة إقليمية ودولية واسعة.
توضح الحلقة الرابعة من “سرقة دولة” أن صعود حميدتي كان ممكنًا نتيجة التنقل بين القوة العسكرية والسياسة الذكية، واستغلال الفوضى المؤسسية. إلا أن غياب مشروع استراتيجي واضح وصراع النفوذ مع الجيش قلّص من قدرته على الاستمرار في السيطرة الكاملة، وكشف أن القوة العسكرية وحدها لا تكفي لإدارة الدولة.
رحلة حميدتي منذ دارفور حتى محاولات السيطرة على السودان اليوم تظهر كيف تتحول الولاءات العرقية والقبلية إلى أدوات للصعود السياسي والعسكري. وتبرز الحلقة الرابعة كيف يمكن أن يكون القوة العسكرية بلا مشروع استراتيجي حاصرته بنفسه، بينما تستمر تداعيات جرائمه الإنسانية والاجتماعية على مستقبل السودان.

في الأول من أغسطس، قدّم رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، السيناتور جيم ريش، تعديلًا على قانون تفويض الدفاع الوطني للسنة المالية 2026، وهو القانون الذي ينظم أنشطة وزارة الدفاع الأمريكية والبناء العسكري وبرامج الدفاع. ويُلزم التعديل وزارة الخارجية الأمريكية بإجراء تقييم رسمي لقوات الدعم السريع السودانية، إلى جانب حركة 23 مارس المسلحة [...]

بعد أكثر من 14 عامًا من الحكم الدامي، ومع سقوط النظام السوري في ديسمبر 2024، تُسلط البيانات المسربة والمصادر الموثوقة الضوء على الحياة الحالية لعائلة الأسد، التي انتقلت من دمشق إلى منفى فاخر بين موسكو والإمارات. بينما يختفي بشار الأسد عن الأنظار العامة، يواصل الاطلاع على طب العيون كلعبة تعليمية، ويعيش هو وأبناؤه حياة مترفة [...]

تواصل شبكة اليوم ميديا سلسلة تحقيقاتها الاستقصائية حول فساد نظام البشير وكشف خبايا السودان. في الحلقة الثالثة نسلط الضوء على محمد حمدان دقلو "حميدتي"، قائد قوات الدعم السريع، وكيف استغل سقوط البشير لترسيخ نفوذه العسكري والسياسي والاقتصادي، داخل المجلس العسكري الانتقالي ومع الشارع الثائر، وصولًا إلى تحركاته الإقليمية والدولية لتعزيز سلطته في السودان والمنطقة. تثبيت [...]

محافظة حضرموت، أكبر محافظات اليمن مساحة وأغناها بالنفط، لطالما كانت منطقة هادئة نسبيًا مقارنة ببقية المحافظات اليمنية التي تعاني من النزاعات المستمرة. لكنها اليوم أصبحت ساحة تنافس محتدمة بين القوى الإقليمية، وخاصة بين السعودية والإمارات، ما يضع الاستقرار المحلي على المحك. وفق تقرير قناة "دويتشه فيله" الألمانية، يرى الخبراء أن التصعيد الحالي في حضرموت يعكس [...]

تواصل شبكة اليوم ميديا سلسلة تحقيقاتها حول فساد نظام البشير وكشف خبايا السودان، وفي الحلقة الثانية نسلط الضوء على تأسيس قوات الدعم السريع عام 2013 ودورها في ارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين خلال العمليات العسكرية في دارفور وجبل مرة. يكشف هذا المقال كيف استغل النظام هذه القوة لترسيخ نفوذه، وكيف أصبح قائدها محمد حمدان دقلو [...]

يعكس وصول وفد عسكري مشترك من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة إلى مدينة عدن حجم القلق المتزايد لدى الرياض وأبوظبي من استمرار التصعيد العسكري والسياسي في جنوب اليمن. ويأتي هذا التحرك في توقيت بالغ الحساسية، بعد إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي سيطرته على مساحات واسعة في محافظات الجنوب، وما رافق ذلك من هجمات دامية [...]