
منذ خسارته آخر معاقله الجغرافية في العراق وسوريا عام 2019، لم يتعرض تنظيم داعش لانهيار نهائي كما رُوّج له، بل دخل مرحلة إعادة تشكّل استراتيجية عميقة.
ويخلص التقرير الذي أعدّه موقع «اليوم ميديا» حول تنظيم داعش، بالاستناد إلى تحليل معمّق لـ2161 صفحة متخصصة جرى الاطلاع عليها، إلى أنّ التنظيم شهد تحولًا لافتًا بحلول عام 2025؛ إذ تخلى عن نموذج «الدولة المزعومة» وانتقل إلى نمط شبكة تمرد عالمية هجينة، تقوم على اللامركزية والمرونة العملياتية والتوسع في الحضور الرقمي، بما ينسجم مع طبيعة الصراعات غير المتكافئة في عالم اليوم،CTC West Point, 2024, Monde Diplomatique, 2024, ICCT, 2025).
ويشير التقرير إلى أن هذا التحول التنظيمي جعل داعش أكثر صعوبة في الرصد وأكثر قدرة على تنفيذ هجمات عابرة للقارات دون الحاجة للسيطرة على أراضٍ
يعتمد تنظيم داعش اليوم على نموذج تنظيمي مرن يقوم على مركز توجيه عام يتولى التمويل والتنسيق، مقابل منح فروعه المحلية استقلالية واسعة في التنفيذ. هذا التحول ساعد التنظيم على التكيف والانتشار، حيث سُجلت نحو 70% من هجماته عالميًا في آسيا خلال عام 2024. ويرى خبراء أن مواجهة هذا النموذج تتطلب تجاوز استهداف القيادات العليا والتركيز بدلًا من ذلك على الشبكات اللوجستية والخلايا التشغيلية التي تشكل العمود الفقري لعمل التنظيم. (CTC West Point, 2024, ICCT, 2025, MEI, 2024).
شهدت عودة العمليات العسكرية قوة ملحوظة في معاقل التنظيم التقليدية في سوريا والعراق، مستفيدًا من صحراء البادية الشاسعة كملاذ آمن. ارتفعت الهجمات في سوريا من حوالي 250 هجومًا في 2023 إلى نحو 700 هجوم في 2024، مع تعقيد متزايد في أساليب الهجوم، بما في ذلك استخدام السيارات المفخخة (VBIEDs)، ما يشير إلى تعزيز القدرات اللوجستية (ICCT, 2025, MEI, 2024).
أصبح للقارة الأفريقية دور استراتيجي متزايد في نشاط داعش. سجّل التنظيم أكثر من 6,100 هجوم في 2024، ويعمل فرع داعش في الصومال (ISS) كمركز مالي ولوجستي للشبكة العالمية، حيث يدر دخلاً يقدر بـ 4 ملايين دولار من الابتزاز، ويحوّل ما يصل إلى 25,000 دولار شهريًا إلى فرع خراسان (ISKP) عبر العملات المشفرة (Crisis Group, 2024, Hudson, 2024).
تعزز ولاية خراسان شبكات واسعة النطاق عبر الحدود في باكستان وطاجيكستان وإيران، مع استغلال تركيا كمركز لوجستي لتنسيق العمليات الأوروبية وتمويلها عبر التحويلات المشفرة (CTC West Point, 2024, GNET Research, 2024).
وبدأ فرع خراسان في إدارة الهجمات الخارجية الكبرى، مثل هجمات موسكو وكرمان التي أسفرت عن مقتل 239 شخصًا. تُنفذ هذه العمليات عبر خلايا عابرة للحدود باستخدام التحويلات المالية المشفرة.
ويقترح الخبراء إنشاء خلايا استخبارات تعاونية بين أفغانستان وتركيا وأوروبا لمتابعة المقاتلين والتمويل المشفر (Washington Institute, 2025, FinCEN, 2025, CTC West Point, 2024
أعلنت الشرطة الأسترالية، الثلاثاء، أن الهجوم المسلح الذي وقع على أحد شواطئ مدينة سيدني، وأسفر عن مقتل 15 شخصًا، نُفّذ بتأثير مباشر من تنظيم داعش الإرهابي. وتسلّط هذه الواقعة الضوء على تصاعد نمط «الذئاب المنفردة»، الذي يتغذّى على التطرف الرقمي المتسارع، كما ظهر في هجوم نيو أورلينز عام 2025.
وتشير التقديرات إلى أن عملية الاستقطاب قد لا تستغرق أكثر من 30 يومًا عبر منصات مثل «تيك توك» و«تلغرام»، إذ يستغل التنظيم خوارزميات هذه المنصات لاستهداف المراهقين بمحتوى بصري جذاب، قبل نقلهم إلى قنوات مشفّرة للتلقين والتخطيط. CTC West Point, 2023).
تضم مناطق شمال شرق سوريا نحو 8,500 مقاتل من عناصر تنظيم داعش، إلى جانب قرابة 38,400 من أفراد عائلاتهم، يقيمون في معسكرات ومخيمات بارزة مثل الهول وروج.
وتشير التقارير إلى أن التنظيم حوّل هذه المخيمات إلى بيئة حاضنة لإعادة التنظيم وبناء الشبكات، مستغلًا هشاشة الأوضاع الأمنية والإنسانية فيها. كما يستخدمها كمصدر تمويل غير مباشر، إذ يجري جمع ما يصل إلى 20 ألف دولار شهريًا عبر شبكات الحوالة غير الرسمية، تُوظَّف في تمويل عمليات التهريب، ودعم الخلايا النشطة، وتسهيل أنشطة التجنيد، ما يعزز من قدرة التنظيم على الاستمرار وإعادة الانتشار. (ICCT, 2025, FinCEN, 2025
على الرغم من التراجع الحاد في الأصول المالية لتنظيم داعش، من نحو 500 مليون دولار إلى قرابة 25 مليون دولار بحلول عام 2022، فإن التنظيم نجح في تعويض هذا الانخفاض عبر تبنّي نموذج تمويل لامركزي أكثر مرونة.
ويعتمد هذا النموذج على استخدام العملات المشفّرة، مثل USDT وTRX وMonero عبر بورصات غير مراقبة مثل Binance في تركيا بما يتيح له تقليل الاعتماد على القنوات التقليدية وتجاوز القيود المفروضة على التحويلات المالية، (GNET Research, 2024, OIG Treasury, 2025, TerrorismCase, 2024).
وتشير تقارير أمنية إلى أن هذه الأموال تُنقل عبر منصات تداول ضعيفة الرقابة أو خارج الأطر التنظيمية الصارمة في بعض المناطق، ما يسهّل إعادة تدوير الموارد المالية وتوجيهها لدعم الأنشطة التشغيلية والخلايا المرتبطة بالتنظيم.
يشير تصاعد اعتماد تنظيم داعش على التقنيات الحديثة إلى تحوّل نوعي في أدواته الدعائية والعملياتية. فقد بدأ التنظيم في توظيف الذكاء الاصطناعي لإنتاج محتوى دعائي متقدم، شمل استخدام تقنيات التزييف العميق (Deepfake) والنماذج اللغوية الكبيرة (LLMs)، بما يتيح له تصنيع مواد إعلامية عالية الجودة، قادرة على التضليل، وبناء سرديات موجهة بدقة لاستقطاب الأنصار والتأثير النفسي على الخصوم.
وفي السياق ذاته، استغل التنظيم تقنيات التصنيع الحديثة، حيث لجأ إلى استخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد في كابول لإنتاج كواتم صوتية للأسلحة، ما يعكس سعيه لتعزيز قدراته القتالية وتقليل بصمته الأمنية أثناء تنفيذ العمليات.
ويؤكد هذا التطور أن التنظيم يتجه نحو نمط “الابتكار غير المتماثل”، عبر دمج التكنولوجيا المتقدمة في بنيته الإرهابية، بما يفرض تحديات جديدة على جهود المكافحة الأمنية والاستخباراتية. (RSDI, 2025, HSToday, 2025
تُظهر التجربة أن استهداف قيادات بارزة في تنظيم داعش، مثل تصفية الممول الرئيسي بلال السودان عام 2023، لم يؤدِّ إلى شلّ قدرات التنظيم أو تفكيكه بشكل نهائي. فخلال فترة لا تتجاوز 14 شهرًا، تمكّن التنظيم من إعادة بناء شبكته المالية واستعادة قدرته على توليد الموارد، مستفيدًا من طبيعته اللامركزية ومرونته العالية في التكيّف مع الضربات الأمنية، Treasury, 2024, AFRICOM, 2025.
وفي هذا السياق، يشير خبراء ومراكز بحثية إلى أن المواجهة الفاعلة لا ينبغي أن تقتصر على الضربات النوعية أو استهداف الأفراد، بل تتطلب اعتماد استراتيجية «الخنق» المستمر، القائمة على الضغط المتواصل على مصادر التمويل، ومسارات التحويل، والبنى اللوجستية الداعمة للتنظيم. كما يؤكدون أهمية إجراء تقييم دوري للتأثير، بمعدل كل ستة أشهر، لقياس مدى فاعلية الإجراءات المتخذة وتعديلها وفق تطور أنماط عمل التنظيم وقدرته على التكيّف (Washington Institute, 2025).
يعتمد التنظيم على مفهوم «الخلافة الافتراضية» كبديل عملي عن السيطرة الجغرافية، بما يتيح له تمكين ما يُعرف بالذئاب المنفردة من التنسيق وتنفيذ الهجمات بصورة لا مركزية. وفي هذا الإطار، تحوّل الهاتف الذكي إلى ما يشبه غرفة عمليات مصغّرة بيد كل متطرف، تُستخدم للتخطيط، والتواصل، وتلقي التوجيهات.
كما يوظّف التنظيم هذه «الخلافة الافتراضية» في نشر الفكر الجهادي والتعبئة الأيديولوجية عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات المشفّرة، بما يضمن استمرارية التجنيد والتأثير رغم الضغوط الأمنية وتراجع حضوره الميداني عبر TikTok إلى Telegram وThreema (CTC West Point, 2023).
يعتمد التنظيم على شبكة من المكاتب المالية المنتشرة في الصومال وآسيا، تقوم بتمويل أنشطته عبر مزيج من الابتزاز والتبرعات العابرة للحدود. كما يوظّف العملات المشفرة، مثل بيتكوين (BTC) وتيثر (USDT) ومونيرو (Monero)، لتسهيل عمليات التحويل وإخفاء مصادر الأموال، مستغلًا الثغرات الرقابية وضعف آليات الامتثال في بعض منصات وبورصات التداول، بما يعقّد جهود التتبع والملاحقة المالية. مثل Binance (Treasury, 2024, GNET Research, 2024, TerrorismCase, 2024).
تواصل داعش جهودها في تجنيد الشباب عبر الإنترنت، مع تركيز خاص على تعريف المراهقين بالمحتوى الجهادي من خلال المنصات الرقمية. ويركز التجنيد الرقمي بشكل خاص على الشباب في مناطق كردستان وأوروبا، مستفيدًا من وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى جمهور واسع وبناء شبكة من المؤيدين والمتعاطفين على الصعيدين المحلي والدولي، (CTC West Point, 2023, ICCT, 2025).
يتجه التنظيم بشكل متزايد إلى توظيف التقنيات المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي والطباعة ثلاثية الأبعاد والهجمات السيبرانية، لتعزيز قدراته العملياتية والدعائية. ويشمل ذلك محاولات استهداف البنى التحتية الحيوية عبر اختراق أنظمة التحكم الصناعية (SCADA) الخاصة بمرافق المياه والطاقة، في إطار مساعيه لزيادة التأثير التخريبي ورفع مستوى التهديد الأمني خارج نطاق العمليات التقليدية (RSDI, 2025, HSToday, 2025).
على الرغم من النجاحات التي تحققت في استهداف قيادات بارزة في التنظيم، مثل بلال السودان، لا يزال التنظيم يحتفظ بقدرته على الصمود وإعادة التكيّف، مستفيدًا من الثغرات الأمنية القائمة، ولا سيما في مجال الاتصالات المشفّرة والمناطق المتنازع عليها التي تفتقر إلى سيطرة أمنية فعّالة،(Treasury, 2024, Washington Institute, 2025).

في خطوة استراتيجية تاريخية، أصبحت الجزائر أول دولة أفريقية تتسلم مقاتلات سو-57 الروسية، في صفقة تهدف إلى تعزيز القدرة الجوية والسيادة العسكرية الجزائرية مقابل النفوذ الأمريكي والإسرائيلي في المغرب العربي. هذا التحرك العسكري يمثل نقطة فاصلة في إعادة رسم خارطة التوازن العسكري الإقليمي ويثير تساؤلات حول المنافسة المستقبلية بين الجزائر والمغرب. الصفقة الروسية ومواصفات سو-57 [...]

بعد سقوط نظام البشير، أصبح محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي" لاعبًا محوريًا في المشهد السوداني. ركّز على تثبيت نفوذه داخل المؤسسات الانتقالية، مستغلاً الانقسامات بين الجيش والقوى المدنية، وبنى شبكة واسعة من الولاءات العسكرية والسياسية والإعلامية لضمان سيطرته. التمركز داخل المؤسسات الانتقالية في البداية، رفض حميدتي المجلس العسكري الانتقالي برئاسة عوض بن عوف خوفًا [...]

في الأول من أغسطس، قدّم رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، السيناتور جيم ريش، تعديلًا على قانون تفويض الدفاع الوطني للسنة المالية 2026، وهو القانون الذي ينظم أنشطة وزارة الدفاع الأمريكية والبناء العسكري وبرامج الدفاع. ويُلزم التعديل وزارة الخارجية الأمريكية بإجراء تقييم رسمي لقوات الدعم السريع السودانية، إلى جانب حركة 23 مارس المسلحة [...]

محافظة حضرموت، أكبر محافظات اليمن مساحة وأغناها بالنفط، لطالما كانت منطقة هادئة نسبيًا مقارنة ببقية المحافظات اليمنية التي تعاني من النزاعات المستمرة. لكنها اليوم أصبحت ساحة تنافس محتدمة بين القوى الإقليمية، وخاصة بين السعودية والإمارات، ما يضع الاستقرار المحلي على المحك. وفق تقرير قناة "دويتشه فيله" الألمانية، يرى الخبراء أن التصعيد الحالي في حضرموت يعكس [...]

بعد أكثر من 14 عامًا من الحكم الدامي، ومع سقوط النظام السوري في ديسمبر 2024، تُسلط البيانات المسربة والمصادر الموثوقة الضوء على الحياة الحالية لعائلة الأسد، التي انتقلت من دمشق إلى منفى فاخر بين موسكو والإمارات. بينما يختفي بشار الأسد عن الأنظار العامة، يواصل الاطلاع على طب العيون كلعبة تعليمية، ويعيش هو وأبناؤه حياة مترفة [...]

تواصل شبكة اليوم ميديا سلسلة تحقيقاتها الاستقصائية حول فساد نظام البشير وكشف خبايا السودان. في الحلقة الثالثة نسلط الضوء على محمد حمدان دقلو "حميدتي"، قائد قوات الدعم السريع، وكيف استغل سقوط البشير لترسيخ نفوذه العسكري والسياسي والاقتصادي، داخل المجلس العسكري الانتقالي ومع الشارع الثائر، وصولًا إلى تحركاته الإقليمية والدولية لتعزيز سلطته في السودان والمنطقة. تثبيت [...]